للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعْرَها أو شعْرَ غيرِها، فالوصلُ مَمنوعٌ بكلِّ شيءٍ شَعرٍ أو صُوفٍ أو خِرَقٍ أو غيرِها.

فأمَّا الربطُ بالخُيوطِ الحَريرِ الملوَّنةِ ونحوِها ممَّا لا يُشبهُ الشعرَ فليسَ بمَنهيٍّ عنه؛ لأنه ليسَ بوَصلٍ ولا هو في معنى مَقصودٍ للوَصلِ، وإنما هو للتجمُّلِ والتحسِينِ (١).

قالَ ابنُ رُشدٍ : ومِن كتابِ «الجواب»: وسألتُه عن الغشِّ غشِّ النِّساءِ يَصنعْنَه فيَضعْنَه على رُؤوسِهنَّ ثم يَنزعْنَه كهَيأةِ القُلنسيةِ (البارُوكةَ) ولكنَّه شَعرٌ، قالَ ابنُ القاسِمِ: لا خيرَ في ذلكَ، كانَ مِنْ شَعرٍ أو وَبرٍ، فإنَّ النساءَ يَضعْنَه مِنْ وَبرِ الإبلِ كما زَعَموا، فلا خيرَ فيهِ، كانَ مِنْ شعرٍ أو وَبرٍ.

قيلَ لأصبَغَ: فشَيءٌ يَعملُه النِّساءُ في رُؤوسِهنَّ يُسمِّينَه النونةَ، أتَرَى به بأسًا؟ قالَ: ما أرَى به بأسًا ما لم يعظمْنَه جِدًّا كأسنِمةِ البُختِ العِجافِ، فهيَ إذا عَظُمتْ شَبيهةٌ بذلكَ، فأمَّا ما كانَ مُقتصدًا فلا بأسَ بذلكَ، كانَ شَكلُ النِّساءِ عندَنا قَديمًا ثمَّ ترَكْنَه، وأراهُ مِنْ شَكلِ نِساءِ العرَبِ قَديمًا.

قالَ مُحمدُ بنُ رُشدٍ: أما الغشُّ الذي ذكرَ أنَّ النِّساء يَضعْنَه فالكَراهةُ فيه بيِّنةٌ؛ لأنه القصَّةُ المَنهيُّ عنها في حَديثِ مُعاويةَ؛ إذْ خطَبَ الناسَ بالمَدينةِ فتَناولَ قصَّةً مِنْ شعرٍ كانَتْ بيَدِ حرسيٍّ، فقالَ: يا أهلَ المَدينةِ أينَ عُلماؤُكم؟ سَمعتُ رَسولَ اللهِ يَنهَى عن مثلِ هذهِ، وقالَ: «إنَّما


(١) «حاشية العدوي» (٢/ ٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>