للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابلةُ إلى أنَّ المُعتدةَ البائنَ تَعتدُّ حَيثُ شاءَتْ مِنْ بَلدِها في مَكانٍ مَأمونٍ، ولا يَتعينُ المَوضعُ الذي تَسكنُه في الطلاقِ؛ لِما رَواهُ مُسلمٌ عن أبي بَكرِ بنِ أبي الجَهمِ قالَ: سَمعتُ فاطِمةَ بنتَ قَيسٍ تَقولُ: أرسَلَ إليَّ زَوجِي أبو عَمرِو بنُ حَفصِ بنِ المُغيرةِ عيَّاشَ بنَ أبي رَبيعةَ بطَلاقِي وأرسَلَ معَه بخَمسةِ آصُعِ تَمرٍ وخَمسةِ آصُعِ شَعيرٍ، فقُلتُ: أمَا ليَ نَفقةٌ إلا هذا؟ ولا أعتَدُّ في مَنزلِكُم، قالَ: لا، قالَتْ: فشَدَدتُ عليَّ ثِيابِي وأتَيتُ رَسولَ اللهِ فقالَ: «كَمْ طَلَّقكِ؟ قلتُ: ثَلاثًا، قالَ: صَدَقَ، ليسَ لكِ نَفقةٌ، اعتَدِّي في بَيتِ ابنِ عَمِّكِ ابنِ أمِّ مَكتومٍ فإنَّه ضَريرُ البَصرِ تُلقِي ثَوبَكِ عِندَهُ» (١).

ورَوى عامرٌ أنه قالَ: قَدِمتُ المَدينةَ فأتَيتُ فاطِمةَ بنتَ قَيسٍ فحَدَّثتْني أنَّ زوْجَها طلَّقَها على عَهدِ رَسولِ اللهِ ، فبعَثَه رَسولُ اللهِ في سَريَّةٍ، قالَتْ: فقالَ لي أخوهُ: أخرُجِي مِنْ الدارِ، فقلتُ: إنَّ لي نَفقةً وسُكنَى حتى يَحلَّ الأجَلُ، قالَ: لا، قالَتْ: فأتَيتُ رَسولَ اللهِ فقلتُ: إنَّ فُلانًا طلَّقَني، وإنَّ أخاهُ أخرَجَني ومنَعَني السُّكنى والنَّفقةَ، فأرسَلَ إليه فقالَ: ما لكَ ولابنةِ آلِ قَيسٍ، قالَ: يا رَسولَ اللهِ إنَّ أخي طلَّقَها ثلاثًا جَميعًا، قالَتْ: فقالَ رَسولُ اللهِ : «انظُرِي يا ابنَةَ آلِ قَيسٍ إنما النَّفقةُ والسُّكنى للمَرأةِ على زَوجِها ما كانَتْ له عليها رَجعةٌ، فإذا


(١) أخرجه مسلم (١٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>