للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمالِكيةُ يَقضونَ للمُتوفَّى عنها زَوجُها بالسُّكنَى مُدةَ عِدتِها بشَرطينِ:

الأولُ: أنْ يَكونَ الزوجُ قد دخَلَ بها.

الثاني: أنْ يكونَ المَسكنُ الذي هي ساكِنةٌ فيه وقتَ مَوتِه للمَيتِ بمِلكٍ أو مَنفعةٍ مُؤقتةٍ أو إجارةٍ، وقد نقَدَ كِراءَه قبلَ مَوتِه، ولو نقَدَ البعضَ فلَها السُّكنى بقَدرِه فقطْ، وحُكمُها في الباقي حُكمُ مَنْ لم يُنقَدْ، وهذا كلُّه إذا ماتَ وهيَ في عِصمتِه.

وأما إنْ ماتَ وهي مُطلقةٌ بائنةٌ مُستحِقةُ السُّكنى فهيَ ثابتٌ لها على كلِّ حالٍ، سَواءٌ كانَ المَسكنُ له أو نقَدَ كِراءَه أم لا؛ لأنها مطلَّقةٌ فالسُّكنَى لها بلا شَرطٍ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأظهَرِ -وهو اختيارُ المُزنِيِّ- والحَنابلةُ -وهو قَولُ عليٍّ وابن عبَّاسٍ وعائِشةَ- إلى أنه لا يَجبُ لها السُّكنى إذا كانَتْ حائِلًا غيرَ حامِلٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى إنما جعَلَ للزَّوجةِ ثُمنَ التَّركةِ أو رُبعَها، وجعَلَ باقيها لسائرِ الوَرثةِ، والمَسكنُ مِنْ التَّركةِ، فوجَبَ أنْ لا يُستحَقَّ منه أكثَرُ مِنْ ذلكَ، ولأنها بائنٌ مِنْ زَوجِها، فأشبهَتِ المُطلَّقةَ ثلاثًا.

ولقَولِه تعالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: ٢٣٤]، فذكَرَ العدَّةَ ولم يَذكُرِ السُّكنى، ولو كانَتْ


(١) «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>