للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كَونُها زَوجةً الثاني بكلِّ حالٍ مع ظُهورِ زَوجِها وتَبيَّنَ أنَّ الأمرَ بخِلافِ ما فعَلَ الإمامُ فهو خَطأٌ أيضًا؛ فإنه مُسلِمٌ لم يُفارِقِ امرأتَه، وإنما فُرِّقَ بينَهما بسَببٍ ظهَرَ أنه لم يَكنْ كذلكَ، وهو يَطلبُ امرأتَه، فكيفَ يُحالُ بينَه وبينَها وهو لو طلَبَ مالَه أو بدَلَه رُدَّ إليهِ، فكيفَ لا تُردُّ إليه امرأتُه، وأهلُه أعَزُّ عليه مِنْ مالِه؟!

وإنْ قيلَ: «حَقُّ الثاني تَعلَّقَ بها» قيلَ: حَقُّه سابقٌ على حَقِّ الثاني، وقد ظهَرَ انتقاضُ السَّببِ الذي به استَحقَّ الثاني أنْ تَكونَ زَوجةً له، وما المُوجبُ لمُراعاةِ حقِّ الثاني دونَ الأولِ؟ فالصَّوابُ ما قَضَى به أميرُ المُؤمنينَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ ، ولهذا تَعجَّبَ أحمَدُ ممَّن خالَفَه، فإذا ظهَرَ صِحةُ ما قالَه الصَّحابةُ وصوابُه في مثلِ هذهِ المُشكلاتِ التي خالَفَهم فيها مثلُ أبي حَنيفةَ ومالِكٍ والشافِعيِّ فلَأنْ يكونَ الصَّوابُ معَهُم فيما وافَقَهم هؤلاءِ بطَريقِ الأَولى (١).


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ٥٤، ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>