وقيلَ: عليهِما المُسمَّى، وهو مَذهبُ مالكٍ، وهو أشهَرُ في نَصِّ أحمَدَ، وقد نَصَّ على ذلك فيما إذا أفسدَ نِكَاح امرَأتِه برَضاعٍ أنه يَرجعُ بالمُسمَّى، والكِتابُ والسُّنةُ يَدلَّانِ على هذا القَولِ؛ فإنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)﴾ [الممتحنة: ١٠] ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا﴾ [الممتحنة: ١١]، وهذا هوَ المُسمَّى دونَ مَهرِ المِثلِ؛ ولذلكَ أمَرَ النبيُّ ﷺ زوْجَ المُختلِعةِ أنْ يَأخذَ ما أعطاها دونَ مَهرِ المِثلِ، وهو سُبحانَه إنما يَأمرُ في المُعاوَضاتِ المُطلَقةِ بالعَدلِ.
فحُكمُ أميرِ المُؤمنينَ في المَفقودِ يَنبنِي على هذا الأصلِ، والقولُ بوَقفِ العُقودِ عندَ الحاجةِ مُتفَقٌ عليه بينَ الصَّحابةِ، ثبَتَ ذلكَ عنهم في قَضايا مُتعدِّدةٍ، ولم يُعلَمْ أنَّ أحَدًا منهُم أنكَرَ ذلكَ، مثلَ قَضيةِ ابنِ مَسعودٍ في تَصدُّقِه عن سَيدِ الجاريةِ التي ابتاعَها بالثَّمنِ الذي كانَ له عليهِ في الذمَّةِ لمَّا تعذَّرتْ عليه مَعرفتُه، وكتَصدُّقِ الغالِّ بالمالِ المَغلولِ مِنْ الغَنيمةِ لمَّا تعذَّرَ قَسْمُه بينَ الجَيشِ، وإقرارِ مُعاويةَ له على ذلكَ وتَصويبِه له، وغيرِ ذلكَ مِنْ القَضايا، مَع أنَّ القولَ بوَقفِ العُقودِ مُطلَقًا هو الأظهَرُ في الحُجةِ، وهو قَولُ الجُمهورِ، وليسَ في ذلكَ ضَررٌ أصلًا، بل هو إصلاحٌ بلا إفسادٍ، فإنَّ الرَّجلَ قد يَرى أنْ يَشتريَ لغَيرِه أو يَبيعَ له أو يُؤجِّرَ له أو يَستأجرَ له ثم يُشاوِرُه، فإنْ رَضيَ وإلا لم يَحصلْ له ما يَضرُّه، وكذلكَ في تَزويجِ وَليتِه ونحوِ ذلكَ، وأما مع الحاجةِ فالقولُ به لا بُدَّ منه، فمَسألةُ المَفقودِ هي ممَّا يُوقَفُ فيها تَفريقُ الإمامِ على إذنِ الزوجِ إذا جاءَ كما يَقفُ تَصرُّفُ المُلتقِطِ على إذنِ المالكِ