للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُثمانُ أيضًا، وقَضَى به ابنُ الزُّبيرِ في مَولاةٍ لهم، وهذه قَضايَا انتَشرَتْ في الصَّحابةِ فلَم تُنكَرْ فكانَتْ إجماعًا.

فأما الحَديثُ الذي رَوَوهُ عن النبيِّ فلَم يَثبتْ ولم يَذكُرْه أصحابُ السُّننِ.

وما رَوَوهُ عن عليٍّ فيَرويهِ الحَكمُ وحمَّادٌ مُرسَلًا، والمُسندُ عنه مِثلُ قَولِنا، ثم يُحملُ ما رَوَوهُ على المَفقودِ الذي ظاهِرُ غَيبتِه السلامةُ؛ جَمعًا بينَه وبينَ ما روينَاهُ، وقَولُهم: «إنه شَكٌّ في زوالِ الزَّوجيةِ» مَمنوعٌ؛ فإنَّ الشكَّ ما تَساوَى فيه الأمرانِ، والظاهِرُ في مَسألتِنا هَلاكُه (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ: وهل يُعتبَرُ أنْ يُطلِّقَها وليُّ زَوجِها ثم تَعتدُّ بعدَ ذلكَ بثَلاثةِ قُروءٍ؟ فيه رِوايتانِ:

إحداهُما: يُعتبَرُ ذلكَ؛ لأنه في حَديثِ عُمرَ الذي روينَاهُ، وقد قالَ أحمَدُ: هو أحسَنُها، وذُكرَ في حَديثِ عليٍّ أنه يُطلِّقُها وليُّ زَوجِها.

والثانية: لا يُعتبَرُ ذلكَ، كذلك قالَ ابنُ عُمرَ وابنُ عبَّاسٍ، وهو القِياسُ؛ فإنَّ وليَّ الرَّجلِ لا وِلايةَ له في طَلاقِ امرَأتِه.

ولأننا حَكَمْنا عليها بعدَّةِ الوَفاةِ، فلا يَجبُ عليها مع ذلكَ عدَّةُ الطَّلاقِ كما لو تَيقَّنتْ وَفاتَه، ولأنه وُجدَ دَليلُ هَلاكِه على وَجهٍ أباحَ لها التَّزويجَ وأوجَبَ عليها عدَّةَ الوَفاةِ، فأشبَهَ ما لو شَهدَ به شاهِدانِ (٢).


(١) «المغني» (٨/ ١٠٦، ١٠٧).
(٢) «المغني» (٨/ ١٠٧، ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>