ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٤]، وهُنَّ ذواتُ الأزواجِ، ولأنه لم يَثبتْ مَوتُ الزَّوجِ ولا عَلِمْنا موته في الظاهِرِ، فلا يَجوزُ أنْ تَتزوجَ كما كانَ قبلَ أربعِ سِنينَ.
ولأنَّ كلَّ حالةٍ لا تحكمُ بانتقالِ مالِ المَفقودِ إلى الوَرثةِ لا يُباحُ لامرَأتِه أنْ تَتزوجَ، أصلُه إذا مَضَى أقلُّ مِنْ أربعِ سِنينَ.
ولأنها لا تَرثُ مع ارتِفاعِ المَوانعِ، ولا يُحكمُ بوُجوبِ عدَّةِ الوَفاةِ عليها، كما لو انقَضَى أربعُ سِنينَ.
ولأنَّ الفُرقةَ على ضَربينِ: فُرقةٌ بالطَّلاقِ وفُرقةٌ بالوَفاةِ، فإذا كانَتِ الفُرقةُ بالطلاقِ لا يُحكمُ بها إلا بعدَ ثُبوتِ الطلاقِ فالفُرقةُ بالوَفاةِ مثلِه (١).
وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيُّ في القَديمِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنها تَتربصُ أربَعَ سِنينَ ثم تَعتدُّ عدَّةَ الوَفاةِ وتَحلُّ للأزواجِ؛ لأنه إذا جازَ الفَسخُ لتَعذُّرِ الوطءِ بالعُنةِ وتعذُّرِ النَّفقةِ بالإعسارِ فلَأنْ يَجوزَ هاهُنا لتعذُّرِ الجَميعِ أَولى.
(١) «التجريد» للقدوري (١٠/ ٥٣٢٩، ٥٣٣٠)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٣٢٩، ٣٣١)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٤٦)، و «الهداية» (٢/ ١٨١)، و «العناية» (٨/ ٢٣٥، ٢٣٦)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣١١)، و «الاختيار» (٣/ ٤٤، ٤٥)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٠٩، ٢١١)، و «الإشراف» (٥/ ١٠٧، ١٠٨)، و «الأم» (٥/ ٢٣٩، ٢٤٠)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٣١٦، ٣١٧)، و «البيان» (١١/ ٤٤، ٤٦)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٥٤، ١٥٥)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٠٣)، و «المغني» (٨/ ١٠٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٩٥)، و «اختلاف العلماء» (١٤٣، ١٤٤).