للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : والمَوطوءةُ بشُبهةٍ تَعتدُّ عدَّةَ المطلَّقةِ، وكذلكَ المَوطوءةُ في نِكاحٍ فاسدٍ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ؛ لأنَّ وَطءَ الشُّبهةِ في النكاحِ الفاسدِ في شُغلِ الرحمِ ولُحقوقِ النسبِ كالوَطءِ في النكاحِ الصَّحيحِ، فكانَ مِثلَه فيما تَحصلُ به البَراءةُ، وإنْ وُطئَتِ المزوَّجةُ بشُبهةٍ لم يَحلَّ لزَوجِها وَطؤُها قبلَ انقِضاءِ عدَّتِها؛ كَيلَا يُفضيَ إلى اختلاطِ المياهِ واشتباهِ الأنسابِ، وله الاستمتاعُ منها بما دُونَ الفَرجِ في أحَدِ الوَجهينِ؛ لأنها زَوجةٌ حَرُمَ وَطؤُها لعارِضٍ مُختصٍّ بالفرجِ، فأُبيحَ الاستمتاعُ منها بما دُونَه كالحائضِ (١).

قالَ الحَنفيةُ: وللمَوطوءةِ بشُبهةٍ أنْ تُقيمَ مع زَوجِها الأولِ، ونَفقتُها وسُكناها على زَوجِها الأولِ؛ لأنَّ النكاحَ بينَهُما قائمٌ، إنما حَرُمَ الوَطءُ، وليسَ لها أنْ تَخرجَ إلا بإذنِ زَوجِها الأولِ، فإنْ أَذِنَ لها فلها أنْ تَخرجَ وإنْ لم تَنقَضِ عدَّتُها، وهذا إذا لم تَكنْ راضِيةً بالوَطءِ، أما إذا كانَتْ راضيةً عالِمةً فلا نَفقةَ لها.

وقُيِّدَ الوطءُ بشُبهةٍ لأنه لو تَزوَّجَ امرأةَ الغيرِ عالِمًا بذلكَ ودخَلَ بها لا تَجبُ العدَّةُ عليها، حتى لا يَحرمُ على الزَّوجِ وَطؤُها، وبه يُفتَى؛ لأنه زنًا والمَزنِيُّ بها لا تَحرمُ على زوجِها (٢).


(١) «المغني» (٨/ ٧٩).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٩٢)، و «البحر الرائق» (٤/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>