للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المالِكيةُ: الرجلُ إذا زنَى بالمَرأةِ ثم أرادَ نِكاحَها فذلكَ جائزٌ له بعدَ أنْ يَستبرئَها عن مائِه الفاسِدِ، وإنْ عقَدَ النكاحَ قبلَ أنْ يَستبرئَها فهو كالناكِحِ في العدَّةِ، ولا تَحلُّ له أبدًا إنْ كانَ وَطؤُه في ذلكَ.

قالَ مالِكٌ: وإذا تزوَّجَ امرأةً حُرةً فدخَلَ بها فجاءَتْ بوَلدٍ بعدَ شَهرٍ أنه لا يَنكحُها أبدًا؛ لأنه وَطأَها في عدَّةٍ.

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : أما حُجةُ مالكٍ فإنه قاسَ استِبراءَ الرَّحمِ مِنْ الزِّنى بثلاثِ حِيَضٍ في الحُرةِ على حُكمِ النكاحِ الفاسدِ المَفسوخِ؛ لأنَّ حُكمَ النكاحِ الفاسدِ عندَ الجَميعِ كالنكاحِ الصَّحيحِ في العدَّةِ، فكذلكَ الزِّنى؛ لأنه لا يَستبرئُ رَحِمَ غيرِه في حرَّةٍ بأقلَّ مِنْ ثلاثِ حِيَضٍ قياسًا على العدَّةِ (١).

وقالَ ابنُ العَربيِّ : ورَأى مالِكٌ أنَّ ماءَ الزِّنا وإنْ كانَ لا حُرمةَ له فماءُ النكاحِ له حُرمةٌ، ومِن حُرمتِه ألا يُصَبَّ على ماءِ السِّفاحِ فيُخلطَ الحَرامُ بالحَلالِ ويُمزجَ ماءُ المَهانةِ بماءِ العزَّةِ، فكانَ نَظرُ مالكٍ أشَدَّ مِنْ نَظرِ سائرِ فُقهاءِ الأمصارِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: المَرأةُ إذا زنَتْ لم يَحلَّ نكاحُها إلا إذا استُبرئَتْ بالأقراءِ أو الشُّهورِ عندَ عَدمِ القُرءِ، فيَلزمُها العدَّةُ ويَحرمُ نكاحُها فيها؛ لأنها في


(١) «الاستذكار» (٧/ ٥١٢).
(٢) «أحكام القرآن» (٣/ ٣٣٨)، و «الذخيرة» (٤/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>