للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدَّةُ عِندَهم بقُرأَينِ وبَعضِ قُرءٍ؛ لأنها عندَهم تعتَدُّ بالطُّهرِ الذي تُطلَّقُ فيه وإنْ مضَى أكثَرُه، وإذا كانَ ذلكَ كذلكَ فلا يَنطلقُ عليها اسمُ الثلاثةِ إلا تَجوُّزًا، واسمُ الثلاثةِ ظاهِرٌ في كَمالِ كلِّ قُرءٍ منها، وذلكَ لا يتَّفقُ إلا بأنْ تكونَ الأقراءُ هي الحيضَ؛ لأنَّ الإجماعَ مُنعقِدٌ على أنها إنْ طلِّقَتْ في حَيضةٍ أنها لا تعتَدُّ بها.

ولكلِّ واحِدٍ مِنْ الفَريقَينِ احتِجاجاتٌ مُتساوِيةٌ مِنْ جِهةِ لفظِ القُرءِ، والذي رَضِيَه الحُذَّاقُ أنَّ الآيةَ مُجمَلةٌ في ذلكَ، وأنَّ الدليلَ يَنبغي أنْ يُطلبَ مِنْ جهةٍ أُخرى، فمِن أقوَى ما تمسَّكَ بهِ مَنْ رأى أنَّ الأقراءَ هي الأطهارُ حديثُ ابنِ عُمرَ المُتقدِّمِ وقولُه : «مُرْهُ فلْيُراجِعْها حتى تَحيضَ ثمَّ تَطهُرَ ثم تَحيضَ ثم تَطهُرَ، ثم يُطلِّقُها إنْ شاءَ قبلَ أنْ يمَسَّها، فتلكَ العدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ يُطلَّقَ لها النِّساءُ»، قالُوا: وإجماعُهم على أنَّ طلاقَ السُّنةِ لا يَكونُ إلا في طُهرٍ لم تُمَسَّ فيهِ، وقَولُه : «فتِلكَ العدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ يُطلَّقَ لها النِّساءُ» دليلٌ واضِحٌ على أنَّ العدَّةَ هي الأطهارُ؛ لكَي يكونَ الطلاقُ مُتَّصِلًا بالعدَّةِ.

ويُمكنُ أنْ يُتأوَّلَ قَولُه: «فتِلكَ العدَّةُ» أي: فتِلكَ مدَّةُ استِقبالِ العدَّةِ؛ لئلَّا يَتبعَّضَ القُرءُ بالطلاقِ في الحَيضِ.

وأقوَى ما تَمسَّكَ بهِ الفَريقُ الثاني أنَّ العدَّةَ إنَّما شُرِعَتْ لبَراءةِ الرَّحمِ، وبَراءتُها إنَّما تَكونُ بالحَيضِ لا بالأطهارِ، ولذلكَ كانَ عدَّةُ مَنْ ارتَفعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>