للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقَلَ ابنُ هانِئٍ: التَّمرُ والدَّقيقُ أحَبُّ إليَّ ممَّا سِواهُما.

وفي «التَّرغيبِ»: التَّمرُ أعجَبُ إلى أحمَدَ، قلتُ: هو قياسُ ما تَقدَّمَ في الفِطرةِ.

فإنْ أخرَجَ دَقيقًا جازَ، لكنْ يَزيدُ على المُدِّ قَدرًا يَبلغُ المُدَّ حَبًّا، أو يُخرجُه -أي الدَّقيقَ- بالوَزنِ رَطلًا عِراقيًّا وثُلثًا؛ لأنَّ الحَبَّ تَتفرَّقُ أجزاؤُه بالطَّحنِ، فيَكونُ في مِكيالِ الحَبِّ أكثَرُ ممَّا يَكونُ في مِكيالِ الدَّقيقِ.

ولا يُجزئُ إخراجُ خُبزٍ؛ لأنه خرَجَ عنِ الكَيلِ والادِّخارِ، فأشبَهَ الهَريسةَ.

وعَنهُ -واختَارُه جَمعٌ منهُم الخِرقيُّ- قالَ القاضِي وأصحابُه: الأَولى الجَوازُ.

وفي «المُغنِي»: هذا أحسَنُ -أي إجزاءُ الخُبزِ-؛ لقَولِه تَعالى: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، وهذا مِنْ أوسَطِ ما يُطعِمُ أهلَهُ، وليسَ الادِّخارُ مَقصودًا في الكفَّارةِ؛ فإنها مُقدَّرةٌ بما يَقوتُ المِسكينَ في يَومِه، وهذا مُهيَّأٌ للأكلِ المُعتادِ للاقتِياتِ.

وأمَّا الهَريسةُ فإنها خرَجَتْ عنِ الاقتياتِ المُعتادِ إلى حَيِّزِ الأُدْمِ.

ولا يُجزئُ مِنْ البُرِّ أقلُّ مِنْ مُدٍّ … ولا يُجزئُ مِنْ التَّمرِ والشَّعيرِ والزَّبيبُ والأَقطِ أقلُّ مِنْ مُدَّينِ … ولا مِنْ خُبزِ البُرِّ أقلُّ مِنْ رَطلَينِ بالعِراقيِّ؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ ذلكَ لا يُبلغُ مُدًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>