تَحِلُّ للأزواجِ وتَخرجُ مِنْ عدَّتِها بدُخولِها في الدَّمِ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ على الصَّحيحِ، وقيلَ: لا تَنقضِي حتى يَمضيَ يَومٌ ولَيلةٌ.
وسَواءٌ بَقيَ مِنْ الطُّهرِ الذي طلقَتْ فيه المَرأةُ يَومُ واحدٌ أو أقلُّ أو أكثَرُ أو ساعةٌ واحدةٌ أو لَحظةٌ فإنها تَحتسبُ به المَرأةُ قُرءًا؛ لقَولِه تَعالى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] أي: في عدَّتِهنَّ، وإنَّما يكونُ مِنْ عدَّتِهنَّ إذا احتسبْ به، ولأنَّ الطلاقَ إنَّما جُعلَ في الطُّهرِ دونَ الحَيضِ كَيلا يُضرَّ بها فتَطولَ عدَّتُها، ولو لم يُحتسبْ بَقيةُ الطُّهرِ قُرءًا لم تَقتصِرْ عدَّتُها بالطلاقِ فيهِ.
ولأنَّ المُبتَغى مِنْ الطُّهرِ دُخولُ الدَّمِ عليهِ، وهو الذي يُنبِئُ عن سَلامةِ الرَّحمِ، وليسَتِ استِدامةُ الطُّهرِ بشَيءٍ.
ولأنَّ النبيَّ ﷺ أَذِنَ في طَلاقِ الطاهرِ مِنْ غيرِ جِماعٍ، ولم يَقلْ أولَ الطُّهرِ ولا آخِرَه، كما في حَديثِ ابنِ عُمرَ ﵄ عن النبيِّ ﷺ في قَولِه:«إذا طَهُرَتْ إنْ شاءَ طلَّقَ وإنْ شاءَ أمسَكَ»، فلمْ يَخُصَّ أولَ الطُّهرِ مِنْ آخِرِه، ولو كانَ بينَهُما فرْقٌ لَبيَّنَه؛ لأنه المبيِّنُ عنِ اللهِ مُرادَه، وقد بلَّغَ وما كتَمَ ﷺ.
والدليلُ عليهِ أنَّ هذا المَعروفُ مِنْ لِسانِ العرَبِ، قالُوا: وإنَّما هو جَمعُ الرَّحمِ الدَّمَ لا طهورُه، ومِنه: قَرأْتَ الماءَ في الحَوضِ أي: جمعْتَه، وقَرأَتَ القُرآنَ أي: ضمَمْتَ بعضَه إلى بعضٍ بلِسانِكَ.