للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافعيةُ في القَديمِ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ والمالِكيةُ في قولٍ إلى أنَّ الإشهادَ على الرَّجعةِ واجِبٌ وشَرطٌ لصحَّةِ الرجعةِ؛ لظاهِرِ قولِه تَعالَى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢]، فأمَرَ بالإشهادِ على الرجعةِ، والأمرُ يَقتضِي الوُجوبَ، ولأنه استباحةُ بُضعٍ مَقصودٍ، فكانَتِ الشهادةُ شَرطًا فيه كالنكاحِ.

فإنِ ارتَجعَ بغَيرِ شَهادةٍ لم يَصحَّ؛ لأنَّ المعتبَرَ وُجودُها في الرجعةِ دُونَ الإقرارِ بها، إلا أنْ يَقصدَ بذلكَ الارتجاعَ فيَصحُّ.

وعلى هذهِ الرِّوايةِ عندَ الحَنابلةِ: إنْ أوصَى الزوجُ الشُّهودَ بكِتمانِ الرجعةِ بطَلَتِ الرجعةِ؛ لِمَا رَوى أبو بكرٍ في «الشَّافي» بسَنَدِه إلى خلاسٍ قالَ: «طلَّقَ رَجلٌ امرَأتَه عَلانيَةً وراجَعَها سِرًّا وأمَرَ الشاهدَينِ أنْ يَكتمَاها -أي الرجعةَ-، فاختَصمُوا إلى عَليٍّ، فجلَدَ الشاهدَينِ واتَّهمَهُما، ولم يَجعلْ له عليها رَجعةً» (١) (٢).


(١) ضَعِيفٌ: رواه ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ٢٤)، وفي إسنَادِه قتادَةُ مُدلِّسٌ، وخلاسُ بن عَمرٍو حَديثُه عن عليٍّ مِنْ كتابِه، فإنه لم يَسمعْ منه، ويُشبهُ أنْ تكونَ رِوايتُه هذه مُرسَلةً.
(٢) «المغني» (٧/ ٤٠٣)، و «الكافي» (٣/ ٢٢٨)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٨٨)، و «المبدع» (٧/ ٣٩٢)، و «الإنصاف» (٩/ ١٥٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٩٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٠٧)، و «الروض المربع» (٢/ ٤١١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٤٧٩)، و «منار السبيل» (٣/ ١٢٢)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٢٣)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٨٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٤١)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٣٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٤٣٨)، و «البيان» (١٠/ ٢٤٩، ٢٥٠)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٢٧)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٦)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٥٩٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٦٧)، و «الديباج» (٣/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>