للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ عن رَجلٍ حلَفَ بالطلاقِ ثمَّ استَثنى هُنَيهةً بقَدرِ ما يُمكِنُ فيه الكَلامُ.

فأجابَ: لا يَقعُ فيهِ الطلاقُ ولا كفَّارةَ عليهِ والحالُ هذهِ، ولو قيلَ له: «قُلْ: إنْ شاءَ اللهُ» يَنفعُه ذلكَ أيضًا ولو لم يَخطُرْ له الاستثناءُ إلا لمَّا قيلَ له، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ أيضًا: وللعُلماءِ في الاستِثناءِ النافعِ قَولانِ:

أحَدُهما: لا يَنفعُه حتى يَنويه قبلَ فَراغِ المُستَثنى منه، وهو قولُ الشافعيِّ والقاضي أبي يَعلَى ومَن تَبعَه.

والثاني: يَنفعُه وإنْ لم يُرِدْه إلا بعدَ الفَراغِ، حتى لو قالَ لهُ بعضُ الحاضرِينَ: «قُلْ: إنْ شاءَ اللهُ» نفَعَه، وهذا هو مَذهبُ أحمَدَ الذي يَدلُّ عليه كَلامُه، وعليه مُتقدِّمُو أصحابِه، واختِيارُ أبي مُحمدٍ وغيرِه، وهو مَذهبُ مالكٍ، وهو الصَّوابُ، ولا يُعتبَرُ قَصدُ الاستثناءِ، فلو سبَقَ على لِسانِه عادةً أو أتَى بهِ تبَرُّكًا رفَعَ حُكمَ اليَمينِ، وكذا قولُه: «إنْ أرادَ اللهُ» وقصَدَ بالإرادةِ مَشيئتَه لا مَحبَّتَه وأمْرَه، ومَن شَكَّ في الاستثناءِ وكانَ مِنْ عادتِه الاستثناءُ فهو كما لو عَلِمَ أنه استَثنى (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : وقالَ الجَوزجانِيُّ في «مُتَرجَمِه»: حدَّثَني صَفوانُ ثنَا عُمرُ قالَ: سُئلَ الأوزاعيُّ عن رَجلٍ حلَفَ: «واللهِ


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٢٣٨).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>