للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّ الاستِثناءَ الشرعيَّ المُعلَّقَ على مَشيئةِ اللهِ لا يَقعُ وهو مُبطِلٌ للطلاقِ، فإذا قالَ لزَوجتِه: «أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللهُ» أو «أنتِ طالِقٌ إنْ دخَلْتِ الدارَ إنْ شاءَ اللهُ» فلا يَقعُ الطلاقُ، وفيهِ حَديثٌ مُنكَرٌ عن مُعاذِ بنِ جبَلٍ قالَ: قالَ لي النبيُّ : «إذا قالَ الرَّجلُ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللَّهُ» فلهُ استِثناؤُه ولا طلاقَ عليهِ» (١).

وعن عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ أنَّ النبيَّ قالَ: «مَنْ حلَفَ على يَمينٍ ثمَّ قالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» فقَدِ استَثنَى»، وفي رِوايةٍ: «فإنَّ له ثُنْيَاهُ» (٢).

وعن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولُ اللهِ قالَ: «مَنْ حلَفَ على يَمينٍ فقالَ: «إنْ شاءَ اللَّهُ» لم يَحنَثْ» (٣)، وهذا نَصٌّ في البابِ، فكانَ على عُمومِه في الأيمانِ باللهِ وفي الطلاقِ والعِتقِ.

ولأنَّ تَعليقَ الطلاقِ بمَشيئةِ اللهِ تعالَى تَعليقٌ بما لا يُعلَمُ وُجودُه؛ لأنَّا لا نَدري أنه شاءَ وُقوعَ هذا الطلاقِ أو لم يَشأْ، على معنَى أنَّ وُقوعَ هذا الطلاقِ هل دخَلَ تحتَ مَشيئةِ اللهِ تعالَى أو لم يَدخلْ؟ فإنْ دخَلَ وقَعَ، وإنْ لم يَدخلْ لا يَقعُ؛ لأنَّ ما شاءَ اللهُ كانَ وما لم يَشأْ لم يَكنْ، فلا يَقعُ بالشَّكِّ، وبه


(١) منكر: رواه الدارقطني (٣٩٨٤)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٥٥١٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحُ: رواه أبو داود (٣٢٦١)، والترمذي (١٥٣١)، والنسائي (٣٨٢٨، ٣٨٢٩)، والدارمي في «سننه» (٢٣٤٢)، وأحمد في «مسنده» (٤٥٨١)، والحاكم في «المستدرك» (٧٨٣٢).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحُ: رواه الترمذي (١٥٣٢)، وأحمد في «مسنده» (٨٠٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>