وقالوا أيضًا: تَصيرُ هذه المَسألةُ حِيلةً للمُطلَّقةِ ثلاثًا إذا خافَتْ مِنْ المُحلِّلِ أنْ يُمسِكَها، يَنبغي أنْ تَبدأَ هي وتَقولَ للزوجِ:«زوَّجتُ نفسِي منكَ على أنَّ أمرِي بيَدِي أُطلِّقُ نفسِي كلَّما أُريدُ»، ثمَّ يَقبلُ الزوجُ فيَصيرُ الأمرُ بيَدِها تُطلِّقُ نفسَها كلَّما أرادَتْ، ولو كانَ الزوجُ قالَ لها:«تَزوَّجتُكِ على أنكِ طالقٌ بعدَما أتزوَّجُكِ، أو: على أنَّ أمْرَكِ بيدِكِ بعدَما أتزوَّجُكِ، تُطلِّقي نفسَكِ كلَّما تُريدينَ»، فقالتِ المرأةُ:«قَبِلتُ» تَطلُقُ ويَصيرُ الأمرُ بيدِها.
وفي «المُنتقَى»: الحَسنُ عن أبي حَنيفةَ ﵀: إذا قالَ لها: «أتزوَّجُكِ على أنَّ أمْرَكِ بيَدكِ بعدَما أتزوَّجُكِ شهرًا» فالنكاحُ جائزٌ وأمرُها بيَدِها شهرًا منذُ تزوَّجَها، فإنِ اختارَتْ زوْجَها في يومٍ مِنْ الشهرِ لم يَبطلْ خِيارُها في باقي الشهرِ، وروَى الحَسنُ عن أبي مالكٍ عن أبي يُوسفَ ﵏ أنه يَبطلُ خِيارُها في باقي الشهرِ (١).
وقالَ المالِكيةُ: إذا تزوَّجَها على شَرطِ أنَّ الطلاقَ بيَدِها متَى أرادَتْ أو أحَبَّتْ أنْ تُطلِّقَ نفسَها فلها ذلكَ وشُرطَ ذلك في صُلبِ العَقدِ فإنَّ النكاحَ يُفسخُ قبلَ البناءِ اتفاقًا، ويَثبتُ بعدَه بمَهرِ المثلِ ولا يُفسخُ على الصحيحِ مِنْ المَذهبِ، ويَثبتُ بعدُ ويَمضي على سُنةِ النكاحِ ويَسقطُ الشرطُ المُناقِضُ؛ لأنَّ كلَّ شَرطٍ خالَفَ كِتابَ اللهِ وسُنةَ رَسولِه فهوَ لاغٍ وباطلٌ.
وقيلَ: يُفسَخُ مُطلَقًا، قبلَ الدخولِ وبعدَه.
(١) «المحيط البرهاني» (٣/ ٨٧)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ١٨٣)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٥٩).