للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنْ يَقولَ لهُما -مُجتَمعَينِ أو مُتفرِّقَينِ-: «جعَلْتُ لكلٍّ مِنكُما، أو فوَّضْتُ لكلٍّ منكُما طلاقَها»، فلكلِّ واحِدٍ منهُما الاستِقلالُ بالطلاقِ.

ولو قالَ: «أَعلِماها بأني طلَّقتُها» فالطلاقُ لازِمٌ وإنْ لم يُعلِماها، ويُسمَّى رِسالةً في عُرفِهم، ولو قالَ: «طلِّقاها» احتَملَ الرِّسالةَ والتمليكَ والتوكيلَ، فعلَى الرِّسالةِ يَلزمُ إنْ لم يُبلِّغاها، وعلى التمليكِ لا يَلزمُ ولا يَقعُ إلا بهما، وعلى التوكيلِ: يَلزمُ بتَبليغِ أحَدِهما ولهُ عَزلُه، وهيَ أقوالٌ ثلاثةٌ، المَشهورُ الأولُ، أي أنه رِسالةٌ، فيَلزمُ بمُجرَّدِ الإخبارِ وإنْ لَم يُعلِماها اتِّفاقًا (١).

وقالَ الشافِعيةُ: يَجوزُ تَفويضُ الطلاقِ للزوجةِ بالإجماعِ، لأنه خيَّرَ نِساءَه بينَ المقامِ معهُ وبينَ مُفارَقتِه لمَّا نزَلَ قَولُه تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)[الأحزاب: ٢٨، ٢٩]، فلو لم يَكنْ لاختِيارِهنَّ الفُرقةَ أثَرٌ لم يَكنْ لتَخييرِهنَّ معنًى.

وللزوجِ تَفويضُ طَلاقِها المُنجَّزِ -صَريحًا كانَ أو كِنايةً- ك: «طلِّقِي أو أبيني نفسَكِ» إلى زَوجتِه البالِغةِ العاقِلةِ، فلا يَصحُّ تَعليقُه كقولِه: «إذا جاءَ


(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١٠٣، ١١٤)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٣٢٠، ٣٢٩)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٧٠، ٧٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣١١، ٣٢٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٠٧، ٢٢٠)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٣٩٥، ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>