للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَسقطُ ما بيَدِها برَدِّها للعِصمةِ بعدَ بَينونتِها بخُلعٍ أو بَتاتٍ؛ لاستِلزامِه رِضاها، وأمَّا لو طلَّقَها طَلاقًا رَجعيًّا ثمَّ راجَعَها فإنَّ خِيارَها لا يَسقطُ؛ لِمَا عَلِمْتَ أنَّ الرَّجعيةَ كالزوجةِ.

وإذا ملَّكَها تَمليكًا مُطلَقًا أو خَيَّرها تَخييرًا مُطلَقًا -أي عارِيًا عنِ التقييدِ بالزَّمانِ والمَكانِ- فالذي رجَعَ إليهِ مالِكٌ أنهُما بيَدِها ما لم تُوقَفْ عندَ حاكمٍ أو تُوطَأْ أو تُمكِّنْ من ذلكَ طائِعةً، قالَتْ في المَجلسِ: «قَبِلْتُ» أم لا، بعدَ أنْ كانَ يقولُ أولًا: يَبقى ذلكَ بيَدِها في المَجلسِ فقطْ، وإنْ تفرَّقَا بعدَ إمكانِ القَضاءِ فلا شيءَ لها، وإنْ وثَبَ حينَ ملَّكَها يُريدُ قطْعَ ذلك عنها لم يَنفعْه، وحَدُّ ذلكَ إذا قعَدَ معها قدْرَ ما يَرَى الناسُ أنها تَختارُ في مِثلِه ولم يَقُمْ فِرارًا، وإنْ ذهَبَ عامَّةُ النَّهارِ وعلِمَ أنهُما قد ترَكَا ذلكَ وخرَجَا إلى غيرِه فلا خِيارَ لها، وأخَذَ ابنُ القاسِمِ بهذا القَولِ المَرجوعِ عنهُ.

جاءَ في «المُدوَّنَة الكُبرَى»: (قُلتُ): أرَأيتَ لو أنَّ رَجلًا قالَ لامرأتِه: «أنتِ طالقٌ إذا شِئتِ»؟ (قالَ): قالَ مالكٌ: إنَّ المَشيئةَ لها وإنْ قامَتْ مِنْ مَجلسِها ذلكَ حتى تُوقَفَ، فتَقضي أو تَتركَ، فإنْ هي ترَكَتْه فجامَعَها قبلَ أنْ تُوقَفَ أو تَقضي فلا شيءَ لها وقد بطَلَ ما كانَ في يَدَيها مِنْ ذلكَ، قالَ ابنُ القاسِمِ: وإنَّما قلتُ لكَ في الرَّجلِ الذي يَقولُ لامرأتِه: «أنتِ طالقٌ إنْ شِئتِ» إنَّ ذلكَ بيَدِها حتى تُوقَفَ وإنْ تَفرَّقَا مِنْ مَجلسِهما؛ لأنَّ مالِكًا قد ترَكَ قولَه الأولَ في التمليكِ، ورجَعَ إلى أنْ قالَ: ذلكَ بيَدِها حتى تُوقَفَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>