للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا بالنَّيةِ، فإنْ نَوَى تَحريمًا مُجرَّدًا كانَ امتِناعًا منها بالتَّحريمِ كامتِناعِه باليَمينِ، ولا تُحرَّمُ عليهِ في المَوضعَينِ.

المَذهبُ الثَّاني عشَرَ: أنهُ يَنوِي أيضًا في أصلِ الطَّلاقِ وعَددِهِ، إلَّا أنه إنْ نَوَى واحدةً كانَتْ بائِنةً، وإنْ لم يَنوِ طلاقًا فهوَ مُولٍ، وإنْ نوَى الكَذبَ فليسَ بشيءٍ، وهوَ قولُ أبي حَنيفةَ وأصحابِه.

وحُجَّةُ هذا القَولِ احتِمالُ اللَّفظِ لِمَا ذكَرَه، إلَّا أنهُ إنْ نَوَى واحدةً كانَتْ بائِنةً؛ لاقتِضاءِ التَّحريمِ للبَينونةِ، وهيَ صُغرَى وكُبْرَى، والصُّغرَى هي المُتحقِّقةُ، فاعتُبِرَت دُونَ الكُبْرَى.

وعنهُ رِوايةٌ أُخرَى: إنْ نَوَى الكَذبَ دُيِّنَ ولم يُقبَلْ في الحُكمِ، بل يكونُ مُوليًا، ولا يكونُ مُظاهرًا عِندَه، نواهُ أو لم يَنوِهِ، ولو صَرحَّ بهِ فقالَ: «أَعني به الظِّهارَ» لم يكنْ مُظاهِرًا.

المَذهبُ الثَّالثَ عشَرَ: أنهُ يَمينٌ يُكفِّرُه ما يُكفِّرُ اليمينَ على كلِّ حالٍ، صحَّ ذلكَ أيضًا عَنْ أبي بكرٍ الصِّديقِ وعُمرَ بنِ الخطَّابِ وابنِ عبَّاسٍ وعائشةَ وزَيدِ بنِ ثابِتٍ وابنِ مَسعودٍ وعبدِ اللهِ بنِ عُمرَ وعِكرمةَ وعَطاءٍ ومَكحولٍ وقَتادةَ والحَسنِ والشَّعبيِّ وسَعيدِ بنِ المُسيّبِ وسُليمانَ بنِ يَسارٍ وجابرِ بنِ زَيدٍ وسَعيدِ بنِ جُبيرٍ ونافعٍ والأوزاعيِّ وأبي ثَورٍ وخَلْقٍ سِواهُم.

وحجَّةُ هذا القولِ ظاهِرُ القُرآنِ؛ فإنَّ اللهَ تعالَى ذكَرَ فرْضَ تَحلِّةِ الأيمانِ عَقِبَ تَحريمِ الحَلالِ، فلا بُدَّ أنْ يَتناولَهُ يَقينًا، فلا يَجوزُ جعْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>