للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبْلَ الدُّخولِ بها: «أنتِ عليَّ حَرامٌ»، (قالَ): هي ثَلاثٌ في قَولِ مالِكٍ، إلَّا أنْ يكونَ نوى واحِدةً أو اثنتَينِ فيَكونُ ذلكَ كما نَوى (١).

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : والحُجَّةُ لمالِكٍ ومَن ذهَبَ مَذهبَهُ في الحَرامِ إجماعُ العُلماءِ أنَّ مَنْ طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا أنها تَحرُمُ عليهِ، فلمَّا كانَتِ الثَّلاثُ تَحريمًا كانَ تَحريمٌ ثلاثًا، واللهُ أعلَمُ (٢).

وذهَبَ الشَّافعيةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا قالَ لزَوجتِه: «أنتِ عليَّ حَرامٌ» فإنْ أرادَ بهِ الطَّلاقَ كانَ طلاقًا؛ لأنَّهُ يَحتمِلُ التَّحريمَ بالطَّلاقِ، ويَقعُ مِنْ عَددِه ما نواهُ مِنْ واحِدةٍ أو اثنتَينِ أو ثَلاثٍ، وإنْ لم يَنوِ عَددًا كانَتْ واحِدةً رَجعيَّةً، وإنْ أرادَ بهِ الظِّهارَ كانَ ظِهارًا؛ لأنهُ يَحتمِلُ التَّحريمَ بالظِّهارِ، وإنْ أرادَ بهِ الإيلاءَ لم يَكنْ إيلاءً؛ لأنَّ الإيلاءُ يَمينٌ لا يَنعقِدُ بالكِنايةِ.

وإنْ أرادَ بهِ تَحريمَ وطْئِها لم يَحرمْ، وعليهِ كفَّارةُ يَمينٍ؛ لِمَا رَوى سَعيدُ بنُ جُبيرٍ قالَ: جاءَ رَجلٌ إلى ابنِ عبَّاسِ فقالَ: إنِّي جَعلْتُ امرأتِي عليَّ حَرامًا، قالَ: كَذبْتَ، ليسَتْ عليكَ بحَرامٍ، ثمَّ تَلا: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ إلى آخِرِ الآيَةِ، ويَجبُ عليهِ بذلكَ كفَّارةُ يَمينٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ حَرَّمَ


(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٣٩٣، ٣٩٤)، ويُنظر: «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٤٠١، ٤٠٢)، و «الكافي» ص (٢٦٥)، و «الاستذكار» (٦/ ١٦، ٢٢)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٥٨، ٥٩).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>