يَصنَعِ السَّببُ بنَفسِه شيئًا لم يَصنَعْه بما بعْدَهُ، ولم يَمنَعْ ما بعْدَه أنْ يَصنعَ ما له حُكمٌ إذا قيلَ.
ولو وصَلَ كَلامَه فقالَ:«قد فارَقتُكِ إلى المَسجدِ أو إلى السُّوقِ أو إلى حاجَةٍ، أو قَدْ سَرَّحتُكِ إلى أهلِكِ أو إلى المَسجدِ، أو قَدْ طلَّقتُكِ مِنْ عِقالِكِ» أو ما أشبَهَ هذا لم يَلزمْه طَلاقٌ، ولو ماتَ لم يكنْ طلاقًا، وكذلكَ لو خَرِسَ أو ذهَبَ عَقْلُه لم يكنْ طلاقًا، ولا يكونُ طلاقًا إلَّا بأنْ يقولَ: أردْتُ طلاقًا، وإنْ سألَتِ امرَأتُه أنْ يُسألَ سُئلَ، وإنْ سألَتْ أنْ يُحلَّفَ أُحلِفَ، فإنْ حلَفَ ما أرادَ طلاقًا لم يَكنْ طلاقًا، وإنْ نَكلَ قيلَ: إنْ حلَفْتَ طَلُقَتْ، وإلَّا فليسَ بطلاقٍ، قالَ: وما تَكلَّمَ بهِ ممَّا يُشبِهُ الطَّلاقَ سِوَى هؤلاءِ الكَلِماتِ فليسَ بطلاقٍ حتَّى يَقولَ: كانَ مَخرَجُ كَلامِي بهِ على أنِّي نَوَيتُ بهِ طلاقًا، وذلكَ مثلُ قولِهِ لامرَأتِه: أنتِ خَليَّةٌ أو خَلوتِ مِنِّي أو خَلوتُ مِنكِ، أو أنتِ بَريئةٌ أو بَرئتِ مِنِّي أو بَرِئتُ مِنكِ، أو أنتِ بائِنٌ أو بِنتِ مِنِّي أو بِنتُ مِنكِ، أو اذهَبِي أو اعزُبِي أو تَقنَّعِي أو اخرُجِي، أو لا حاجَةَ لي فيكِ أو شأنُكِ بمَنزلِ أهلكِ أو الزَمِي الطَّريقَ خارِجةً، أو قَدْ وُدَّعتُكِ أو قَدْ وَدَّعتِينِي، أو اعتَدِّي أو ما أشبَهَ هذا ممَّا يُشبِهُ الطَّلاقَ فهو فيهِ كلِّهِ غَيرُ مُطلِّقٍ حتَّى يقولُ:«أردْتُ بمَخرجِ الكَلامِ منِّي الطَّلاقَ» فيكونُ طلاقًا بإرادةِ الطَّلاقِ معَ الكلامِ الَّذي يُشبهُ الطَّلاقَ (١).
(١) «الأم» (٥/ ٢٥٩، ٢٦٠)، ويُنظر: «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٥٠، ١٥٩)، و «المهذب» (٢/ ٨١)، و «البيان» (١٠/ ٨٨، ٩١)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٣٢٤، ٣٢٧)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢٦٩، ٢٧٠)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٧٩٨، ٨٠٠)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٨٣، ٤٨٥)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٣٢٤، ٣٣٨)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٤٩٢، ٤٩٤)، و «الديباج» (٣/ ٤٠٠، ٤٠١).