للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أنتِ طالِقٌ» (خِلافٌ) المُعتمَدُ عَدمُ اللُّزومِ، وأمَّا العزْمُ على أنْ يُطلِّقَها ثمَّ بدا لهُ عَدمُه فلا يَلزمُه اتِّفاقًا.

قالَ الدّسوقيُّ : قولُه: (وفي لُزومِه بكَلامِه النَّفسيِّ خِلافٌ) التَّوضيحُ الخِلافُ إنَّما هو إذا أنشَأَ الطَّلاقَ بقَلبِه بكَلامِه النَّفسيِّ، والقَولُ بعَدمِ اللُّزومِ لمالكٍ في «المُدَّونَة»، وهوَ اختيارُ ابنِ عَبدِ الحكَمِ القَرافِيِّ، وهوَ المَشهورُ، والقَولُ باللُّزومِ لمالكٍ في «العُتْبيَّة»، قالَ في «البَيان» و «المُقَدِّمات»: وهوَ الصَّحيحُ، وقالَ ابنُ رُشدٍ: هو الأشهَرُ.

ابنُ عَبدِ السَّلامِ: والأوَّلُ أظهَرُ؛ لأنهُ إنَّما يُكتفَى بالنِّيةِ في التَّكاليفِ المُتعلِّقةِ بالقَلبِ، لا فيما بيْنَ الآدميِّينَ. اه.

قَولُه: (وأمَّا العَزمُ على أنْ يُطلِّقَها … إلخ) أي: وكذا مَنِ اعتَقدَ أنَّها طَلُقَتْ مِنهُ ثم تَبيَّنَ له عدَمُه فلا يَلزمُه إجماعًا (١).

واختارَ القاضي عَبدُ الوَهابِ المالكيُّ وُقوعَ الطَّلاقِ مِنْ غَيرِ لفظٍ فقالَ : إذا طلَّقَ مِنْ غَيرِ لَفظٍ ولا عمَلِ جارِحةٍ ففيها رِوايتانِ: إحداهُما: أنهُ لا يَقعُ طلاقًا، وهو قولُ أبي حَنيفةَ والشَّافعيِّ، والصَّحيحُ أنَّ الطَّلاقَ يَقعُ، ودَليلُنا عليهِ أنَّ الطَّلاقَ فِراقٌ يَفتقرُ إلى قَصدِ القَلبِ وانطِوائِه بهِ عليهِ، وحدُّ النُّطقِ بهِ الإخبارُ عَنْ وُقوعِه، فوجَبَ إذا عُدِمَ ذلكَ ألَّا يُؤثِّرَ كالإيمانِ والكُفرِ، ولأنَّا وَجَدْنا الاعتِقادَ بمُجرَّدِه لهُ تأثيرٌ في تَحريمِ الزَّوجةِ وفُرقةِ الزَّوجيَّةِ بدليلِ الكُفرِ.


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>