للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِ المَلكِ الزَّياتُ، وَزيرُ المُعتصِمِ، وأَحمدُ بنُ أبي القاضي، وبِشرٌ المَريسيُّ، وكانا من المُعتزلةِ قائِلَينِ بخَلقِ القُرآنِ، فقالَ ابنُ أبي داودَ وبِشرٌ للخَليفةِ: اقتُلْه حتى نَستريحَ منه، هذا كافِرٌ مُضِلٌّ، فقالَ: إنِّي عاهَدتُ اللهَ ألَّا أقتُلَه بسَيفٍ، وألا آمُرَ بقَتلِه بسَيفٍ، فقالا له: اضرِبْه بالسِّياطِ، فقالَ المُعتصِمُ له: وقَرابَتي من رَسولِ اللهِ لأَضربَنَّك بالسِّياطِ، أو تَقولَه كما أَقولُ، فلم يُرهِبْه ذلك، فقالَ المُعتصِمُ: أحضِروا الجَلَّادينَ، فأُحضِروا، فقالَ المُعتصِمُ لواحِدٍ منهم: بكم سَوطٍ تَقتُلُه؟ قالَ: بعَشرةٍ، قالَ: خُذْه إليك، فأُخرجَ الإِمامُ أَحمدُ من أَثوابِه، وشُدَّ في يَدَيه حَبلانِ جَديدانِ، ولمَّا جِيءَ بالسِّياطِ نظَرَ إليها المُعتصِمُ قالَ: ائْتُوني بغيرِها، ثم قالَ للجَلَّادينَ: تَقدَّموا، فلمَّا ضُربَ سَوطًا قالَ: بِسمِ اللهِ، فلمَّا ضُربَ الثانِيَ قالَ: لا حَولَ ولا قُوةَ إلا باللهِ، فلمَّا ضُربَ الثالِثَ قالَ: القُرآنُ كَلامُ اللهِ غيرُ مَخلوقٍ، فلمَّا ضُربَ الرابِعَ قالَ: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ [التوبة: ٥١] وجعَلَ الرَّجلُ يَتقدَّمُ إلى الإمامِ أَحمدَ، فيَضربُه سَوطَين، فيُحرِّضُه المُعتصِمُ على التَّشديدِ في الضَّربِ، فلمَّا ضُربَ تِسعةَ عَشرَ سَوطًا قامَ إليه المُعتصِمُ فقالَ له: يا أَحمدُ، عَلامَ تَقتُلُ نَفسَك؟ إنِّي واللهِ عليك لشَفيقٌ، قالَ أَحمدُ: فجعَلَ عُجَيفٌ يَنخُسُني بقائِمةِ سَيفِه، وقالَ: تُريدُ أنْ تَغلِبَ هؤلاء كلَّهم؟ وجعَلَ بَعضُهم يَقولُ: وَيلَك! الخَليفةُ على رأسِك قائِمٌ، وقالَ بَعضُهم: يا أَميرَ المُؤمِنينَ، دَمُه في عُنقي اقتُلْه، وجَعَلوا يَقولونَ: يا أَميرَ المُؤمِنينَ، إنَّه صائِمٌ، وأنتَ في الشَّمسِ قائِمٌ، فقالَ لي: وَيحَك يا أَحمدُ، ما تَقولُ؟ فأَقولُ: أَعطوني شَيئًا من كِتابِ اللهِ وسُنةِ رَسولِه حتى أَقولَ به، ثم رجَعَ الخَليفةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>