للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقراءٍ وللأمَة قُرْآنِ، والقُرْءُ الطُّهرُ المُتَّصلُ بالدَّمِ عِندهُم، فإنْ طلَّقَها في كُلِّ طُهرٍ تَطليقةً أو طلَّقَها ثلاثًا مُجتمِعاتٍ في طُهرٍ لَم يَمسَّها فيهِ فقَدْ لَزمَه، وليسَ بمُطلِّقٍ للسُّنَّةِ عِنْدَ مالكٍ وجُمهورِ أصحابِه، وهوَ قَولُ الأَوزاعيِّ وأبِي عُبيدٍ.

وقالَ أَشهَبُ: لا بأسَ أنْ يُطلِّقَها في كُلِّ طُهرٍ تَطليقةٍ، ما لَم يَرتجِعْها في خلالِ ذلكَ وهوَ يُريدُ أنْ يُطلِّقَها ثانيةً، فلا يَسعُه ذلكَ؛ لأنَّهُ يُطوِّلُ العِدَّةَ عليها، فإذا لَم يَرتجِعْها فلا بأسَ أنْ يُطلِّقَها في كُلِّ طُهرٍ مرَّةً، وعلى هَذا يخرجُ ما رَواهُ يحيَى بنُ يحيَى في «المُوطَّأ» في تَفسيرِ قراءَةِ ابنِ عُمرَ: ﴿يَا أَيُّها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ﴾ قالَ يحيَى: قالَ مالِكٌ: يُريدُ بذلكَ أنْ يُطلِّقَ الرَّجلُ امرأتَهُ في كُلِّ طُهرٍ، وهذا التَّفسيرُ لَم يَرْوِه أحَدٌ عَنْ مالِكٍ في «المُوَطَّأ» غَيرُ يحيَى، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ: قالَ أحمَدُ بنُ حَنبلٍ: طَلاقُ السُّنَّةِ أنْ يُطلِّقَها طاهِرًا مِنْ غَيرِ جِماعٍ واحدةً ويَدعَها حتَّى تَنقضيَ عِدَّتُها، وهذا قَولُ مالكٍ (٢).

وقالَ الحنابلَةُ: إنْ طلَّقَها ثلاثًا في ثلاثةِ أطهارٍ قبْلَ رَجعةٍ حَرُمَ ذلكَ نَصًّا، لا إنْ طَلَّقَها اثنتَينِ فلا يَحرُمُ؛ لأنَّهُما لا يَمنعانِ مِنْ رَجعتِها إذا نَدِمَ، فلَم يَسُدَّ المَخرجَ على نفْسِه؛ لكُونِه فوَّتَ على نفْسِه طَلقةً جعَلَها اللهُ لهُ مِنْ غَيرِ فائِدةٍ تَحصُلُ لهُ بها، فكانَ مَكرُوهًا كتَضييعِ المالِ.


(١) «التمهيد» (١٥/ ٦٩، ٧٠)، ويُنظر: «تهذيب المدونة» (١/ ٣٧٥).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>