للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجانبُ العَبدِ في العتاقِ مِثلُ جانبِ المرأةِ في الطَّلاقِ، حتَّى يَصحُّ اشتِراطُ الخِيارِ له دُونَ المَولى، فيَبطلُ برَدِّ العبدِ الخيارَ في الثَّلاثِ، وإنْ لم يَردَّ حتَّى مضَتْ عُتِقَ ولَزمَه المالُ، كما في حقِّ المَرأةِ، والجامِعُ بيْنَهما أنَّ المرأةَ لا يَحصلُ لها بالخُلعِ شيءٌ؛ لأنَّ البُضعَ ليسَ له حُكمُ مالٍ عندَ الخُروجِ، وكذا ماليَّةُ العبدِ تَتلفُ على مِلكِ المَولى بالإعتاقِ، ومع هذا جازَ قَبولُ المالِ فيهِما.

وقالَ الصَّاحبانِ أبو يُوسفَ ومُحمدٌ: لا يَصحُّ خِيارُ الشَّرطِ في الخُلعِ مُطلَقًا، فيقَعُ الطَّلاقُ عليها ويَلزمُها المالُ في الوجهَينِ؛ لأنَّ إيجابَ الزَّوجِ يَمينٌ، ولهذا لا يَملكُ الرُّجوعَ عنهُ، ويتوقَّفُ على ما وراءَ المَجلسِ، وصحَّتْ إضافتُه وتَعليقُه بالشَّرطِ؛ لكَونِ المَوجودِ مِنْ جانبِه طلاقًا وقَبولِها شرْطَ اليمينِ، فلا يَصحُّ خيارُ الشَّرطِ فيهما؛ لأنَّ الخيارَ للفَسخِ بعْدَ الانعقادِ لا للمَنعِ مِنْ الانعقادِ، واليَمينُ وشَرطُها لا يَحتملانِ الفسْخَ (١).

وقالَ الإمامُ عليُّ بنُ خليلٍ الطَّرابلسيُّ : ولو شُرطَ الخِيارُ للمَرأةِ جازَ عندَ أبي حنيفةَ لا عِندَهما، وخِيارُ الزَّوجِ لم يَجزْ وِفاقًا؛ لأنَّ الخُلعَ مِنْ جانبه يَمينٌ وهي لا تَقبلُ الخِيارَ، ومِن جانبِها مُعاوَضةٌ وهي تقبَلُه (٢).


(١) «تبيين الحقائق» (٢/ ٢٧٢).
(٢) «معين الحكام» (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>