للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ رجَعَ عن جَعْلِ أمرِها في يَدها فلَها أنْ تَرجعَ عليهِ بالعِوضِ الَّذي بَذلَتْه في مُقابَلةِ ذلكَ، عَبدًا كانَ أو غيرَه؛ لأنه لم يُسلِّمْ لها ما يُقابِلُه.

ولو قالَ الزَّوجُ لزَوجتِه: «إذا جاءَ رأسُ الشَّهرِ فأمرُكِ بيَدكِ» ملَكَ إبطالَ هذهِ الصِّفةِ؛ لأنه وَكالةٌ وهي جائِزةٌ، وليسَتْ مِنْ تَعليقِ الطَّلاقِ في شيءٍ، إلَّا أنْ يَنويَ به الطَّلاقَ.

قالَ الإمامُ أحمَدُ: ولو جعَلَتْ لهُ ألفَ دِرهمٍ على أنْ يخيِّرَها فخيَّرَها فاختارَتِ الزَّوجَ لا يَردُّ الزَّوجُ شيئًا مِنْ الألفِ؛ لأنه فعَلَ ما جاعَلَتْه عليهِ فاستقرَّتْ لهُ.

وإنْ قالَتْ: «طلِّقْني بدينارٍ» فطلَّقَها ثمَّ ارتدَّتْ عن الإسلامِ لَزمَها الدِّينارُ بالطَّلاقِ، ووقَعَ الطَّلاقُ بائِنًا؛ لأنه على عِوضٍ، ولا تؤثِّرُ الرِّدةُ فيهِ؛ لتأخُّرِها عنهُ، فإنْ طلَّقَها بعدَ ردَّتِها وقبْلَ دُخولِه بها بانَتْ بالرِّدةِ ولم يَقعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ البائنَ لا يَلحقُها طلاقٌ، وإنْ كانَ طلَّقَها بعْدَ ردَّتِها وبعدَ الدُّخولِ بها وُقفَ الأمرُ على انقضاءِ العدَّةِ، فإنْ أقامَتْ على ردَّتِها حتَّى انقضَتْ عدَّتُها تبيَّنَّا عدمَ وُقوعِ الطَّلاقِ، لأنها لم تَكنْ بزَوجةً حينَ طلَّقَها، وإنْ أسلَمَتْ في العدَّةِ وقَعَ الطَّلاقُ؛ لأنا تبيَّنا أنها كانَتْ زَوجةً حِينَه (١).


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٢٤٧، ٢٤٨)، و «الفروع» (٥/ ٢٧١)، و «منار السبيل» (٣/ ٧٣) وقالَ ابنُ قُدامةَ في «الكافي» (٣/ ١٤٦، ١٤٧): ويَصحُّ الخُلعُ منجَّزًا بلفظِ المعاوَضةِ؛ لِما فيهِ مِنْ المُعاوَضةِ، ومعلَّقًا على شرطٍ؛ لِما فيه مِنْ الطَّلاقِ، فأمَّا المنجَّزُ بلفظِ المعاوَضةِ فهو أنْ يُوقِعَ الفُرقةَ بعوضٍ فيقولَ: «خلعتُكِ بألفٍ، أو طلَّقتُكِ بألفٍ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>