للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائِزُ «بمُنتَهى الإرادَات» (١) مِنْ رَبِّه، فمَنْ تمَسَّك بشَريعَتِه (٢)،

وبين يوم الدِّين والدِّين الجناسُ التامُّ مع اختلاف المعنى، وهو كما في «التلخيص»: أن يتَّفِقَ اللَّفظَانِ في أنواع الحُرُوفِ، وفي أعدادِها، وفي هيئاتِها، وفي ترتيبِها. وهو من المُحسِّنات البديعيَّة.

(١) قوله: (الفائزُ) أي: الظافرُ (بمنتهى الإرادات) أي: المقاصد المنتهية. مصدر ميمي بمعنى: الانتهاء، من إضافة الحال في المحل؛ لأن الانتهاء حال في المرادات، أو من إضافة الصفة للموصوف، أي: المرادات المنتهية؛ من نظرِه لربه بعيني رأسه الشريف [١]، والشفاعة العظمى، وغيرهما مما لا يحصى.

والمراد هنا: أن هذا الكتابَ ظفر باختصارِه من «مُنتهى الإرادات» من قَبيلِ التورية وهي: إطلاقُ لفظٍ له معنيان، قريب وبعيد، فأطلق منتهى الإرادات، وأراد معناه البعيد.

ثم إنَّ في هذه الفِقرَةِ وما قبلَها براعةَ استهلالٍ؛ لِمَا في ذلك من الإعلام بالفنِّ الذي سيشرعُ فيه، وهي أن يأتي المتكلِّمُ في ابتداء كلامه بما يلوحُ بمقصودِه بإشارةٍ تَعذِبُ حلاوتُها على الذَّوقِ السليمِ.

(٢) قوله: (فمن تمسَّك بشريعته) باتباع الأوامر واجتناب النواهي. الفاء: للتعليل، أي: لأن من تمسك .. إلخ. «فمن»: مبتدأ، وجملة «فهو من الفائزين»: خبر. وجملة المبتدأ والخبر جملة كبرى؛ لوقوع الخبر فيها جملة.


[١] أخرج مسلم في صحيحه (٤٦١) من حديث أبي ذرٍّ أنه قال: سألت رسول اللَّه : هل رأيت ربك؟ قال: «نورٌ أنَّى أراه». وفي لفظ: «رأيت نورًا»

<<  <  ج: ص:  >  >>