(١) قوله: (فالنيةُ) الفَاءُ: في جواب شرط مقدَّر في نظمِ الكلامِ، تقديرُه: إذا أردت معرفة تفصيلِ صفةِ النيةِ، فالنية لغة: القصد. يقال: نواك اللَّه بخير، أي: قصدك به، وهو عزمُ القلب على الشيء. وشرعًا: العزمُ على فعل العبادة؛ تقربًا إلى اللَّه تعالى.
ثم إن النية شُرعت لتمييز العبادات عن العادات، كالجلوس في المسجد، يكون تارة للاعتكاف، وتارة للاستراحة. ولتمييز مراتب العبادات، كالصلاة، تكون للفرض تارة، وللنفل أخرى. ولأن الوضوء والغسل عبادة، ومن شرطها النيةُ. وإنما شُرطت النيةُ لطهارةِ الحدث دون طهارة الخبث؛ لأن طهارة الحدث بابها الفعل، فأشبهت الصلاة، وطهارة الخبث بابها الترك، فأشبهت ترك الزنى. ثم إن النية المعتبرة في الوضوء والغسل ونحوهما لا تسقط بحال، كما نبَّه على ذلك فيما يأتي في شروط الصلاة.
ومحلُّها القلبُ، وحقيقتُها العزمُ على فعل الشيء، وشرطُها الإسلامُ والعقلُ والتمييزُ. ويسنُّ التلفُّظ بها وبما نواه سرًّا، وزمنُها أوَّلُ العبادات، أو قبيلها بيسير عند أول واجب، وهو التسمية، أو ينوي قبلها بيسير، أو عند أوَّلِ مسنونٍ كغَسلِ الكفين، إن وجد ذلك المندوب قبل واجب.
هذا والنيةُ في الوضوء والغُسل في الحكم سواء، كما سيأتي في الغُسل.