الثَّالِثُ: المُكَافَأَةُ: بأنْ لا يَفْضُلَ القَاتِلُ المَقْتُولَ (١) حَالَ الجِنَايَةِ (٢) بالإسْلامِ، أو الحُرِّيَّةِ، أوْ المِلْكِ.
فلا يُقْتَلُ: المُسْلِمُ (٣)
(١) قول: (الثَّالِثُ: المُكافَأَةُ) بينَ المقتُولِ وقاتِلِه حالَ جِنايةٍ. وهي في اللغة: التماثُلُ والتقابُلُ. وشرعًا: ما ذكره المصنفُ على سبيلِ التصويرِ لها (بأنْ لا يَفضُلَ .. إلخ) يعني: بأن يساويه القاتِلُ في الدينِ، والحريةِ، والرقِّ.
(٢) قوله: (حَالَ الجِنَايَةِ) لأنه وقتُ انعقَادِ السببِ. احترز ب «حال الجناية» عما لو كان مثلَه حالَ الجِنايةِ، ثمَّ فضُلَه بعدَها؛ بأن كانَ كلٌّ منهُما كافرًا أو قِنًّا، فأسلَمَ أو عَتَقَ بعدَ الجُرحِ أو القَتلِ، فإنَّ ذلك لا يَمنعُ القِصَاصَ. ح ف وزيادة.
(٣) قوله: (فلا يُقتَلُ المُسلِمُ … إلخ) مفرعٌ على قولِه: «المكافأة». ولو ارتدَّ بعدَ القتل «بالكافِر» حُكِيَ أن أبا يوسفَ رُفِعَ إليه مُسِلمٌ قتلَ ذميًّا، فأرادَ قتلَه، فرأى في النومِ قائلًا يقول:
يا قاتِلَ المُسلِمِ بالكَافِرِ … جِرْتَ وما العَادِلُ كالجَائِرِ
جارَ أبو يُوسُفَ في حُكمِه … بقَتلِه المُسلِمَ بالكَافِرِ [١]
وقيل: أرسلَت زبيدَةُ إليه تَردَعُه عن ذلِكِ، فأصبحَ، فاعتلَّ بأنه إنما يقتله إذا قامَت بينةٌ بأنه كانَ يؤدِّي الجِزيةَ إلى حينِ قَتلِه، فتعذَّر ذلِكَ، وقيل: بل اعتلَّ بطلَبِ ثبوتِ دُخولِه في دينِه قبلَ البعثَةِ، فتعذر ذلك. واللَّه أعلم. قاله ابن نصر اللَّه في «حواشي الزركشي».
[١] انظر «تاريخ بغداد) (١٤/ ٢٥٤)، و «أخبار أبي حنيفة وأصحابه» للصيمري (ص ٩٢)