«المحرر»: فإن قيلَ: المانعُ اختلافُ الدِّينِ، وإذا ارتدَّا معًا، لم يختلفْ دينُهُما، فهو كمَا لو أسلَمَا معًا. قيل: هذا منتَقِضٌ بما إذا أسلمَ زوجُ الذميَّةِ، فإنَّ دينهما اختلفَ والنكاحَ باقٍ، ولو انتقلَ المسلمُ المتزوِّجُ بيهوديَّةٍ إلى دينِ اليهوديَّةِ، وقعَت الفُرقَةُ، وإن لم يختَلِف الدِّينُ. ذكره القاضي مُلزِمًا به الحنفيةَ والمالكيةَ. وفارقَ ما إذا أسلَمَا معًا، فإنَّهما انتقلا إلى دينٍ حقٍّ يُقرَّان عليه، ولأنَّهما انتقلا إلى حالةٍ يجوزُ ابتداءُ النكاحِ فيها، فجَازت الاستدامةُ. قال ابن نصر الله: أطلقَ الأصحابُ كلُّهم تعليقَ الفُرقَةِ بالدخولِ وعَدمِه، ولم أجد أحدًا منهم تعرَّضَ لمَا إذا كانت الرِّدةُ قبلَ الدخولِ وبعدَ الخَلوةِ، والظاهرُ أن حُكمَه حُكمُ الردَّةِ بعدَ الدخولِ؛ لوجوبِ العدَّةِ بها، فيصيرُ حُكمُها حُكمَ المدخُولِ، ولا أظنُّ هذا يحتمل خِلافًا. وقد يقالُ: إن الدخولَ يشملُ الخلوةَ، ولا يَختصُّ بالوَطءِ، فيكونُ قولُهم نصًّا في ذلِك، ولم أجد أحدًا منهم صرَّح بهذا، ولكن تعليلُهم يرشِدُ إليه، فليتنبَّه لذلِكَ. ذكره الحفيد.
(١) قوله: (انفسَخَ النكَاحُ) في قولِ أهل العلم؛ لقوله تعالى: ﴿ولا تمسكوا بعصم الكوافر﴾ [المُمتَحنَة: ١٠]، وقوله تعالى: ﴿فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن لهم ولا هم يحلون لهن﴾ [المُمتَحنَة: ١٠]، ولأنَّ الارتدَادَ اختلافُ دينٍ وقعَ قبلَ الدخولِ، فأوجَبَ فسخَ النكاحِ، كإسلامِها تحتَ كافرٍ. م ص [١].
(٢) قوله: (ولَها) أي: الزوجَةِ (نِصفُ المَهرِ إن سَبَقَها) بالردَّةِ، أو ارتدَّ الزوجُ