للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يَجُوزُ للمُسلِمِينَ: الفِرَارُ مِنْ مِثْلَيهِم، ولو واحِدًا مِنْ اثنَينِ (١).

بالثغر. وكُرِه نقلُ أهله إلى مخوفٍ؛ لقول عمر: لا تُنزِلوا المسلمينَ خِيفَةَ البحر [١]. رواه الأثرم. ولأنه لا يؤمن ظَفَرُ العدوِّ بها. م ص [٢].

(١) قوله: (ولا يجوزُ للمُسلمينَ الفِرارُ … الخ) من الكفار إذا كانوا مثليهم [٣]، ولو كان الفارُّ واحدًا من اثنين؛ لقوله تعالى: ﴿فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين﴾ [الأنفَال: ٦٦]. قال ابن عباس: من فرَّ من اثنين، فقد فرَّ، ومن فر من ثلاثة، فما فر [٤].

ويلزم المسلمين الثَّباتُ، وإن ظَنُّوا التَّلف؛ لقوله تعالى: ﴿إذا لقيتم الذين كفروا زحفًا فلا تولوهم الأدبار﴾ [الأنفَال: ١٥]. ولأنه عدَّ الفرار من الكبائر، إلا إذا كانوا متحرِّفين لقتال؛ لقوله تعالى: ﴿ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة فقد باء بغضب من الله﴾ [الأنفَال: ١٦]. ومعنى التحرف لقتال: أن ينحازوا إلى موضع يكون القتال فيه أمكن، مثل أن ينحازوا من ضيق إلى سَعة، أو مَعطَشةٍ إلى ماء، أو من نزولٍ إلى عُلُوٍّ، أو انحرافهم عن مقابلة الشمس أو الريح، أو استنادٍ إلى جبل ونحوه، مما جرت به العادة. ومعنى التحيز إلى فئة: أن يصير إلى فئة من المسلمين؛ ليكونَ معهم، فيتقوَّى بهم. قال القاضي: لو كانت الفئةُ بخراسان، والزحفُ بالحجاز، جاز التحيُّز إليها؛ لحديث ابن عمر مرفوعًا:


[١] أخرجه عبد الرزاق (٩٦٢٣) بلفظ: كان عمر يكره أن يحمل المسلمين غزاة في البحر
[٢] «دقائق أولي النهى» (٣/ ١٢)
[٣] في النسختين: «من مثليهم»
[٤] أخرجه البيهقي (٩/ ٧٦). وصححه الألباني في «الإرواء» (١٢٠٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>