للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وسبب أشرفيةِ العُبودية: أن السِّيادة في الحقيقة للَّه تعالى، والعبودية وصف لغيره، فالوصف بها إشارة إلى سيادة اللَّه تعالى، واحتياج غيره إليه لاحتياج العبد إلى سيِّده.

والعبوديةُ: إظهارُ التَّذلل، والعبادةُ أبلغُ منها؛ لأنها غايةُ التَّذلل، فلا يستحقها إلا من له غايةُ الإفضال.

وأما عبدُ الدنيا، فهو المعتَكِفُ على خِدمَتها ومُراعاتِها، وهو المرادُ بحديث: «تعِسَ عبدُ الدِّرهم والدينار» [١].

و (الفقير): يحتمل أنه صيغةُ مبالغة، أي: كثيرُ الفَقر، ويَحتملُ أنه صِفةٌ مشبهة، معناه: الدائمُ الفقر، من فَقَر بالفتح أو الكسر، كضَرَب أو سَمِعَ، أصله من كُسِرَ فقارُ ظهرِه، و المرادُ به هنا: المحتاجُ إلى عفوِ ربه ورحمته، لا المحتاجُ مطلقًا، ولا قليلُ المال، ولا فقيرُ القلب المشار إليه بقوله : «كاد الفقرُ أن يكونَ كفرًا» [٢].

وآثر الفقيرَ على المُحتاج مع أنه بمعناه؛ لأن الفقير مأخوذٌ من الفقر، والفقرُ أخصُّ من الاحتياج، ألا ترى أن ابنَ السبيل محتاجٌ غيرُ فقير، فالعبدُ مفتقر إلى اللَّه في جميع أحواله، حتى قبلَ وجودِه، فإنه مُفتقر لمن أوجَدَه. والفقيرُ يناسب العبدَ؛ لأن العبدَ لا يملِك شيئًا، فهو خاضِعٌ ذليل: ﴿ياأيها الناس


[١] أخرجه البخاري (٢٨٨٦، ٢٨٨٧) من حديث أبي هريرة
[٢] أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (٣/ ٥٣) ومن طريقه ابن الجوزي في «الواهيات» (٢/ ٣٢٠) والبيهقي في «الشعب» (٦٦١٢) من حديث أنس. وقال الألباني في «الضعيفة» (٤٠٨٠): ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>