وكذا؛ لأنه حصل اجتماعهما في الجملة. على أن المصنف أتى بالفعل قبل البسملة، فليس فيه تقديمُ بعضِ المقول على القَول، والدليل على ذلك أنِّي اطلعتُ على نُسخةِ المؤلِّفِ التي من خطه، وجدتُه أتى بالفعل قبل البسملة والحمدلة، فالتقديمُ والتأخير من الكَتَبة، وعلى ذلك فلا اعتراضَ عليه، وهو جوابُه بالمنع، وما قبلَه بالتسليم.
(١) قوله: (قال)[١] عبَّر بالماضي الدال على تقدمِ معناه؛ لتقدُّم المقول في الوجود الخطيِّ، وهو البسملة والحمدلة إلى آخر الكتاب على زمن النطق؛ لأن المصنف ألَّف الكتابَ ما عدا الخُطبة، وعرضَه على شيخه العلامة الشيخ عبد الرحمن البهوتي، فأثنى على المؤلِّف والمؤلَّف، ثم بعد ذلك أتى بالخُطبة، هكذا قرره الوالد.
لا يقال: إن الخُطبة من مقولِ القَولِ، وهو متقدِّم عليها، فلم يكن الفعلُ الماضي على بابه؛ لأنا نقول: سلَكَ المصنف في كلامِه التغليب، فغلَّب الأكثرَ على الأقل، وعبَّر بالفعل الماضي. فالفعلُ الماضي على بابه بهذا الاعتبار، وأصلُه:«قَوَلَ» بفتح الواو، على وزن فَعَلَ، قلبت ألفًا لتحركها وانفتاحِ ما قبلها، فصار: قال. ويقال لِمَا فشا من القول: قالةً، ومقالًا، وقيلا. ويقال أيضًا: أقولتني ما لم أقل. وقوَّلتني: نسبته إليَّ. ورجلٌ مِقول، ومِقوال، وقوَّال: كثيرُ القَول.
[١] عبارة: «قال العبد الفقير إلى اللَّه تعالى مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي» ليست في نسخ متن الدليل، فلعل ابن عوض أخذها من نسخة المصنف نفسه، واللَّه أعلم