للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

صحيحٌ. قال اللَّه تعالى: ﴿إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب﴾ [النِّساء: ١٧] روى ابن أبي حاتم [١] عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ثم يتوبون من قريب﴾ [النِّساء: ١٧] قال: القريبُ: ما بينَهُ وبينَ أن يَنظُرَ إلى مَلَكِ المَوتِ. وقِيلَ: تُقبَلُ التوبَةُ قَبلَ أن يُعاينَ مَلَكَ المَوتِ. وقيلَ: ما دامَ مُكلفًا، وعلى ذَلِكَ يُحملُ كلامُ المصنِّفِ رحمه اللهُ تعالى: «قُبيل موتِه»: أي: قبلَ أن يُعاينَ ملكَ الموتِ، وهو في تلِك الحالةِ مكلفٌ.

«تنبيه»: ذكرَ ابنٌ اللَّحام في «قواعده الفقهية» [٢] أنه لو أُكره المرتدُّ أو الحربيُّ على التلفظِ بالشهادتينِ، فتلفظَ، فإنه يصيرُ مُسلمًا؛ لأنه أُكرِهَ على حَقٍّ فأدَّاه، ثم إنْ قصَدَ التقيةَ بلفظِه ولم يقصِد في الباطِن الإسلامَ، فحكمُه حُكمُ الكفَّارِ باطنًا، وإن وافقَ الظاهرُ الباطنَ صارَ مُسلمًا ظاهرًا وباطنًا. أما لو أُكره على الكُفرِ فكفرَ مُكرهًا غير مُختارٍ، فإنه لا يكفرُ. وأما لو أُكره الذميُّ على الإسلامِ فأسلمَ، فلا يصحُّ إسلامُه؛ لأنه ظلمٌ له، وهو كذَلِكَ. وفي «الانتصار» لأبي الخطَّاب: احتمالٌ أنه يصيرُ مُسلمًا؛ لأن الإسلام واجبٌ عليه في الجملةِ.

وضابطُ المذهبِ: أنَّ الإكراه لا يبيحُ الأفعالَ، وإنما يبيحُ الأقوالَ. مِنْ ذَلِكَ: إذا أكره على الوضوءِ، فإنه لا يصحُّ على الصحيحِ. هذا فيه تفصيلٌ، فإن فَعَلَه لدفعِ الإكراهِ فإنهُ لا يصحُّ، وأما إن فعلهُ للداعِي الشرعيِّ، فإنه


[١] أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٤/ ١١٥٤)
[٢] (ص ٤٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>