للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ (١) في شَهَادَتِهِم، وَإمْضَاءِ حُكْمِ حَاكِمِهِمْ (٢): كَأَهْلِ العَدْلِ (٣).

وأتْلَفُوا بتأويلٍ، فلا يَلزَمُهُم الضمانُ. وأمَّا أهلُ العدلِ؛ فلأنَّهم فعَلوا ما يَجوزُ لهم فِعْلُه، فلا يَلزَمُهُم شيءٌ للباغِينَ؛ لأنَّهُم تَعدَّوا بقتالِهِم. ويَضْمنانِ أهلُ العدلِ والبغْيِ ما أتْلَفَاه بغيرِ حربٍ، أي: يَضمَنُ كلٌّ ما أتْلَفَه من نفسٍ ومالٍ في غيرِ حربٍ؛ لإتلافِه معصومًا بلا حقٍّ، ولا ضرورةِ دفعٍ. م ص [١] بإيضاح.

(١) قوله: (وَهُمْ) أي: البُغَاةُ.

(٢) قوله: (في شَهَادتِهِمْ … إلخ) أي: ما لَمْ يَكونُوا من أهلِ البِدَعِ. ح ف.

(٣) قوله: (كأهْلِ العَدْلِ) فتُقبَلُ شهادتُهُم، ولا يُنقَضُ من حُكْمِ حاكمِهِم، إلا ما يُنقَضُ من غيرِه، وهو ما كانَ مُخالِفًا لنصِّ كتابٍ أو سنةٍ، أو قياسٍ جليٍّ، أو إجماعٍ. قالَ ابنُ عقيلٍ: تُقبَلُ شهادتُهُم، ويُؤخَذُ عنهم العلمُ ما لم يَكونُوا دعاةً. ذكَره أبو بكرٍ. وقال في «الإنصافِ» [٢] بعد ذلكَ: لو ولَّى الخوارجُ قاضيًا، لم يَجُزْ قضاؤُه عندَ الأصحابِ. وفي «المغنِي» و «الشرحِ» احتمالٌ بصِحَّةِ قضاءِ الخارجِيِّ؛ دفعًا للضرر. قال في «العدةِ» [٣]: إذا نصَبوا قاضيًا يَصلُحُ للقضاءِ لاجتماعِ شروطِ القضاءِ فيه فحكمُه حكمُ قاضِي أهلِ العدلِ، يَنفُذُ من أحكامِه ما يَنفُذُ من أحكامِ قاضِي العدلِ، وردَّ منه ما ردَّ، ولا يَفسُقُون بخروجِهِم؛ لأنَّ ذلكَ مما يَسُوغُ فيه الاجتهادُ، فأشْبَه مسائِلَ الفروعِ، فإذا حَكَم بِمَا لا يُخالِفُ نصًّا ولا إجماعًا، نفَذَ حكمُه، وإنْ خالَف ذلكَ، نُقِضَ حكمُه، كقاضِي العدلِ.


[١] «دقائق أولي النهى» (٦/ ٢٨١)
[٢] «الإنصاف» (٢٧/ ٩٤)
[٣] «العدة شرح العمدة» (ص ٥٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>