للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى يَشْتَهِرُوا (١).

وَإِنْ أَخَذُوا مَالًا (٢)، ولم يَقْتُلُوا: قُطِّعَتْ أَيْدِيهِم وأرْجُلُهُم مِنْ خِلافٍ (٣)،

ولأنَّ القتلَ وقَع في نظير القتلِ، فلابدَّ من عقوبةٍ أخرَى لأخْذِ المالِ، ولأنَّه شُرِعَ حدًّا فلم يَتخيَّرْ فيه الإمامُ. وأمَّا كونُه بعدَ القتلِ؛ فلأنَّ اللهَ تعالَى قدَّم القتلَ على الصلبِ لفظًا، والترتيبُ يُوجِبُ تقديمَ الأوَّلِ، كقولِه تعالى: ﴿إن الصفا والمروة من شعائر الله﴾ [البَقَرَة: ١٥٨]. ولأنَّ في صلبِه حيًّا تعذيبًا له، وقد نَهَى عن تعذيبِ الحيوانِ، ولأنَّ الصلبَ إنَّما شُرِعَ ليشْتَهِرَ أمرُه؛ ردعًا لغيرِه، وهذا يَحصلُ بصلبِه بعدَ القتلِ. ح ف.

(١) قوله: (حَتَّى يَشْتَهِرُوا) يعنِي: أنَّ الصلبَ غيرُ مؤقتٍ بمدَّةٍ معينةٍ، بل غايتُه إلَى أن يَشتَهِرَ أمْرُه؛ لأنَّه لم يَرِدْ فيه توقيتٌ من الشارِعِ، فرجَع إلى ما يَحصُلُ به ارتداعُ غيرِه. وقال أبو حنيفةَ والشافعيُّ: يُصلَبُ ثلاثًا. وعلى كلِّ حالٍ يُغسَّلُونَ، ويكفَّنونَ، ويصلَّى عليهم، ويُدْفَنون. ح ف.

(٢) قوله: (وإِنْ أَخَذُوا مالًا) مِنْ حِرْزٍ لا شبهةَ له فيهِ، بخلافِ نحوِ أبٍ وسيدٍ، ما يُقطعُ السارِقُ فيه؛ لأنَّها جنايةٌ تَعلَّقَتْ بها عقوبةٌ في حقِّ غيرِ المحارِبِ، فلا تغلَّظُ في المحاربةِ بأكثرَ من وَجْهٍ واحدٍ، كالقتلِ. م ص [١].

(٣) قوله: (قُطِّعَتْ أَيْدِيهم … إلخ) أي: اليَدُ اليمنَى. أمَّا وجوبُ قطعِهِما؛ فلأنَّه لَمَّا قارَنَ أخْذَ المالِ المحاربةُ [٢]، وجَب تغليظُ الحدِّ بزيادةِ قطعِ الرجلِ على


[١] «كشاف القناع» (١٤/ ١٨٧)
[٢] في الأصل: «لما قارن أخذ المال قارن أخذ المال لمحاربة»

<<  <  ج: ص:  >  >>