والذي يظهر أن الفاكهي والأزرقي أرادا أن يقولا: إن ثبير النصع على يسار الذاهب إلى منى من شعب عمرو بن عبد الله بن خالد بن أسيد (المعيصم) وهذا صحيح، لأن شعب عمرو هو الذي فيه سداد الحجاج أيضاً. وثبير النصع هو أعلى جبل في منطقة المزدلفة وهو يحد أرضها من جهة الشمال الشرقي ومشهور اليوم ب (جبل مزدلفة) ويحد ثبير النصع من جهة الشرق (ريع المرار)، ومن الغرب (ثبير الأحدب). وبعضهم يطلق اليوم على (ثبير النصع) جبل الأحدب. وثبير النصع هذا هو الجبل الذي لم يكونوا يدفعون من مزدلفة حتى يروا الشمس على رأسه، وليس هو جبل (ثبير غيناء) المتقدم، كما توهمه بعض الفضلاء من القدامي أو المحدثين. أما القدماء فمنهم المحب الطبري في كتابه (شرح التنبيه) على ما نقله الفاسي في شفاء الغرام (١/ ٥٤١ - ٥٤٤) حيث جعله (ثبير غيناء) الذي تقدم ذكره، وكذلك صنع ياقوت في معجمه، وابن ظهيرة في جامعه، ومن المحدثين الأستاذ البلادي في كتابيه أودية مكة (ص: ٩٧) ومعالم مكة (ص: ٥٥) حيث جعله ثبير غيناء لا ثبير النصع، وأن ثبير غيناء هو المقصود بقول المشركين (أشرق ثبير كيما تغير) وهذا غير صحيح، والله أعلم. وقد وقفت مع الشريف محمد فوزان الحارثي عند تحديدنا لحدود مزدلفة وتبين لي أن جبل مزدلفة (ثبير النصع) هو أعلى الجبال المحيطة بالمزدلفة وفيه سداد الحجاج، وهو أول جبل تشرق عليه الشمس في مزدلفة. أما الجبال التي على يسار النازل من مزدلفة إلى منى فإنها جبال صغيرة ومسمياتها معروفة، وهي تحد مزدلفة جنوباً، فأعلاها (ذات السليم) ثم (المريخيات) وأطلت في ذلك لبيان ما أشكل على البعض، والله أعلم. (١) في ج: يرون. (٢) الفاكهي (٤/ ١٦٧ - ١٦٨)، وشفاء الغرام (١/ ٥٤١). (٣) الفاكهي (٤/ ١٦٨)، وشفاء الغرام (١/ ٥٤٤). يظهر من تحديد الفاكهي والأزرقي لهذا الجبل أنه الجبل المسمى اليوم (جبل الطارقي) وهو أشمخ الجبال الواقعة بين المغمس والنخيل. والمغمس، هو: السهل الفسيح الواسع الذي يبدأ من أرض الصفاح والشرائع العليا (حُنَيْن) إلى سهل عرفات، بل إن سهل عرفات كله ما هو إلا امتداد الأرض المغمس. ويقع في وسط أرض المغمس وادي عُرنة. وشُقَّ الآن طريق مزفَّت يصل بين