للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإذا انقلب إليّ وجدني قد ذخرت له من أجره وفضيلته ما يتمكن به القربة مني (١) والوسيلة إليّ، وأفضل المنازل في دار المقام. وأجعل اسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وثناءه ومكرمته لنبيّ من ولدك يكون قبل هذا النبي، وهو أبوه يقال له: إبراهيم، أرفع له قواعده، وأقضي على يديه عمارته، وأنبط (٢) له سقايته، وأريه حلّه وحرمه ومواقفه، وأعلمه مشاعره ومناسكه، وأجعله أمة وحده، قانتاً لي، قائماً بأمري (٣)، داعياً إلى سبيلي، أجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم. أبتليه فيصبر، وأعافيه فيشكر، ويُنذر لي فيفي، ويعدني فينجز (٤). أستجيب له في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم، فأجعلهم أهل ذلك البيت، وولاته، وحماته، وسقاته، وخدّامه، وخزّانه، وحجابه حتى يبتدعوا ويغيّروا فإذا فعلوا ذلك فأنا الله أقدر القادرين على أن أستبدل من أشاء بمن أشاء، أجعل إبراهيم إمام أهل ذلك البيت، وأهل تلك الشريعة، يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الإنس والجن، يطئون فيها آثاره، ويتبعون فيها سنته، ويقتدون فيها بهديه، فمن فعل ذلك منهم وفى (٥) نذره، واستكمل نسكه. ومن لم يفعل ذلك منهم ضيّع نسكه، وأخطأ بغيته.

فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن أين أنا؟ فأنا مع الشعث الغبر، الموفين بنذورهم، المستكملين مناسكهم، المبتهلين إلى ربهم، الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون، وليس هذا (٦) الخلق ولا هذا الأمر الذي قصصت عليك شأنه يا آدم بزائدي في ملكي، ولا عظمتي، ولا سلطاني، ولا شيء مما عندي إلا كما زادت


(١) في شعب الإيمان: «يتمكن به من القربة إلي».
(٢) نبط الشيء نبطاً ونبوطاً: ظهر بعد خفائه. يقال: حفر الأرض حتى نبط الماء، وجد في التنقيب حتى نبط المعدن (المعجم الوسيط ص: ٩٣٣، أساس البلاغة ٢/ ٤١٥).
(٣) في ج: بذكري.
(٤) في ب، ج: زيادة لي.
(٥) في ب، ج: أوفى.
(٦) في ج: هذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>