غاية الروعة يقدمه الأزرقي لكل من أراد قراءة التاريخ، وخاصة التاريخ الإسلامي، الذي يعتبر جزءاً من حياة كل مسلم.
إذ إن مكة مهبط الوحي بالرسالة، وفيها ركن الإسلام الذي أذن به إبراهيم ﵇، فيذكر المؤلف ﵀:(ما كانت عليه الكعبة فوق الماء قبل خلق السموات والأرض)، (ثم يذكر بناء الملائكة الكعبة قبل خلق آدم)، (ثم يذكر حج آدم للبيت)، (ثم يذكر بناء ولد آدم للبيت)، (ثم يذكر الطوفان كيف طافت سفينة نوح بالبيت)، (ثم يذكر حادثة الفيل)، وهكذا يتابع ذكر الحوادث حسب تسلسلها الزماني.
ومن ناحية الصنعة الحديثية:
توفي الإمام الأزرقي ﵀ في منتصف القرن الثالث الهجري، وكان ذاك العصر عصر الرواية، ونرى في أسانيد الأزرقي دقة الضبط في النقل، وهذا يظهر من خلال بسط كتابه بالأسانيد بقوله:«حدثني»«أخبرني»«قال لي»«عن فلان»«كتب لي فلان» وهذا المنهج التوثيقي الإسنادي في إثبات الوقائع هو الذي كان سائداً في ذلك العصر.
فالمؤلف ﵀ يروي أحياناً الخبر بسنده عن رسول الله ﷺ، وتارة يرويه موقوفاً على الصحابي، وتارة يرويه مقطوعاً عن التابعي، وتارة ينقل رأي غيرهم في المسألة، فكان في ذلك كالذي يدرس الحوادث بالمأثور، يثبت ما قاله رسول الله ﷺ، فإن لم يجد عن رسول الله ﷺ في المسألة شيئاً أورد قول الصحابي أو قول من بعده.
ونرى المؤلف يتثبت في الرواية وفي النقلة، انظر قوله في حديث رقم (٥٨٥): كتب إلي عبد الله بن أبي غسان رجل من رواة العلم من ساكن صنعاء، وحمل