للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لها عيناً تسكب فيها من الثقبة، وبنى سد الثقبة وأحكمه - والثَّقَبَةُ: شِعْب يفرع فيه وجه تبير - ثم شق من هذه البركة عيناً تجري إلى المسجد الحرام، فأجراها في قصب (١) من رصاص، حتى أظهرها من (٢) فوّارة (٣) تسكب في فسقية (٤) من رخام بين زمزم والركن والمقام (٥). فلما أن [جرت (٦)] وظهر ماؤها، أمر القسري بجزر فنحرت بمكة، وقسمت بين الناس، وعمل طعاماً، فدعا عليه الناس، ثم أمر صائحاً، فصاح: الصلاة جامعة، ثم أمر بالمنبر، فوضع في وجه الكعبة، ثم صعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، احمدوا الله، وادعوا لأمير المؤمنين الذي سقاكم الماء العذب الزلال النفاخ (٧) بعد الماء المالح الأجاج، الماء الذي لا يشرب إلا صبراً - يعني (٨) زمزم.

قال: ثم تفرغ تلك الفَسْقِيّة (٩) في سَرَب (١٠) من رصاص يخرج إلى وضوء كان


(١) القصب: واحدته قصبة وأصله: العظم المستدير الأجوف، والنبات ذو الأنابيب، ثم أطلق على كل شيء مستدير أجوف، من أي معدن كان والمراد هنا أنابيب من رصاص (لسان العرب، مادة: قصب).
وهذا - إن صح - فإنه عمل عجيب، بأن تمد أنابيب من رصاص بطول يساوي ٥ كلم أو أكثر، لا يقل قطر الأنبوب عن ١٠ بوصات على أقل تقدير، بشكل موزون وانسيابي يسمح بمرور الماء دون قوة دافعة، وفي منطقة وادي مكة، ذي السيول العظيمة العارمة، وفي ذلك الزمن المبكر من تاريخ الحضارة الإسلامية. إنه عمل يدعو إلى التأمل إن صحت الرواية.
(٢) في ب، ج: في.
(٣) أي: موضع يفور منه الماء، ويطلق عليه اليوم (النافورة).
(٤) جمعها: فساقي، وهي: الحوض. وهي لفظة مولّدة (تاج العروس ٧/ ٤٩، المنجد ص: ٥٨٣).
(٥) شفاء الغرام (١/ ٤٥٩).
(٦) في أ: خرجت.
(٧) النفاخ: الماء البارد العذب الصافي الخالص، الذي يكاد ينفخ الفؤاد ببرده. وقيل: هو الماء الكثير ينبطه الرجل في الموضع الذي لا ماء فيه (لسان العرب، مادة: نقخ).
(٨) في ج زيادة: ماء.
(٩) في أ: الفسقينة، وكذا ستأتي في المواضع التالية.
(١٠) السرَب: طريق الماء، أو القناة التي يجري فيها الماء (لسان العرب، مادة: سرب).

<<  <  ج: ص:  >  >>