للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم إن جُرْهُماً وقطورا خرجوا سيارة من اليمن وأجدب (١) عليهم، فساروا بذراريهم وأنفسهم وأموالهم، وقالوا: نطلب مكاناً فيه مرعى تسمن فيه ماشيتنا، وإن أعجبنا أقمنا فيه، فإن كل بلاد نزلها (٢) أحد ومعه ذريته وماله فهي وطنه، وإلا رجعنا إلى بلادنا. فلما قدموا مكة وجدوا فيها ماء معيناً، [وعِضاها] (٣) ملتفة من سلم وسمر، ونباتاً تسمن مواشيهم، وسعةً من البلاد، ودفئاً من البرد في الشتاء. قالوا: إن هذا الموضع يجمع لنا ما نريد، فأقاموا مع العماليق. فكان (٤) لا يخرج من اليمن قوم إلا ولهم ملك يقيم أمرهم، وكان ذلك سُنّة فيهم ولو كانوا نفراً يسيراً، فكان مضاض بن عمرو ملك جُرْهُم والمطاع فيهم، وكان السميدع ملك قطورا، فنزل مضاض بن عمرو أعلى مكة، فكان (٥) يُعَشِّر من دخلها من أعلاها، وكان حوزهم وجه الكعبة، والركن الأسود، والمقام، وموضع زمزم مصعداً يميناً وشمالاً، وقعيقعان إلى أعلى الوادي. ونزل السميدع أسفل مكة وأجيادين، وكان يعشر من دخل مكة من أسفلها، فكان (٦) حوزهم المسفلة ظهر الكعبة، والركن اليماني والغربي، وأجيادين، والثنية إلى الرمضة. فبنيا فيها البيوت، واتسعا في المنازل، وكثروا على العماليق فنازعتهم العماليق، فمنعتهم جُرْهُم وأخرجوهم من الحرم كله، فكانوا في أطرافه لا يدخلونه. فقال لهم صاحبهم عموق: ألم أقل لكم لا تستخفوا بحرمة الحرم فغلبتموني؟ فجعل مضاض والسميدع يقطعان المنازل لمن ورد عليهما من قومهما، وكثروا وربلوا (٧) وأعجبتهم البلاد، وكانوا


(١) في ب، ج: وأجدبت.
(٢) في ب، ج: ينزلها.
(٣) في أ، ب: وعضاه. والمثبت من ج.
(٤) في ب، ج: وكان.
(٥) مثل السابق.
(٦) مثل السابق.
(٧) ريل القوم: كثر عددهم ونموا (لسان العرب، مادة: ريل).

<<  <  ج: ص:  >  >>