للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر بعض المؤرخين أن رجلا وقع منه كيس فيه ألف دينار عند جامع ابن طولون، فصار كل من رآه يتباعد عنه حتى أقام أسبوعا مدة على الطريق حتى جاء صاحبه وأخذه. وقيل إن هذا الصنم المدعو بأبى الهول أقام عند الحاكم مدة طويلة حتى قتل الحاكم. فعمد بعض اللصوص وكسره بالليل فبطل فعله من حينئذ.

وأما ما يحكى عن أفعاله الشنيعة ومخالفته للشريعة: قيل إنه كان يلبس جبة صوف أبيض ويركب على حمار عال ويطوف الأسواق ويباشر حسبة القاهرة بنفسه فمن وجده يغش فى معاشه أو بضاعته أمر عبدا أسود كان معه يقال له مسعود أن يفعل به الفاحشة العظمى وهو اللواط ويأمره أن يفعل ذلك به فى وسط دكانه والناس تنظر إليه، ذكر ذلك ابن كثير (١)، وكان إذا غضب على أحد من حاشيته يمنعه من لقبه مدة طويلة لا يدعه بلقبه حتى يرضى عليه ويرد عليه لقبه فيكون عنده البشارة العظيمة.

وكانت أفعال الحاكم كلها متعددة وكان عنده شجاعة وكرم مع جبن وبخل ويحب أهل العلم ثم ينتقم منهم ويميل إلى الصلاح ويقتل الصلحاء وكان كثير السب للصحابة وأمر بكتابة ذلك على أبواب المساجد وفى الشوارع ثم محا ذلك بعد مدة. ولما بنى جامعه الذى بباب النصر منع الناس ألا يصلى أحد إلا فى جامعه. ثم منع الناس من صلاة التراويح عشر سنين ثم أباحها لهم. ثم هدم كنيسة وبنى مكانها مسجدا ثم أعادها كما كانت كنيسة.


(١) هو الإمام المحدث الحافظ ذو الفضائل عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسى البصروى. ولد سنة ٧٠٠ هـ وسمع الحجار والطبقة وأجاز له الوانى والختنى وتخرج بالمزى ولازمه وبرع. له "التفسير" الذى لم يؤلف على نمطه مثله و"التاريخ" و"تخريج" أدلة التنبيه و"تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب" وشرع فى كتاب كبير فى الأحكام لم يتمه ورتب "مسند أحمد" على الحروف وضم إليه "زوائد الطبرانى" وأبى يعلى، وله "مسند الشيخين" و"علوم الحديث" و"طبقات الشافعية" وغير ذلك، مات فى شعبان سنة ٧٧٤ هـ. وقال الذهبى فى "المختص" الإمام المفتى المحدث البارع ثقة متفنن محدث متقن.
انظر المزيد فى: انباء الغمر ١/ ٣٩، البدر الطالع ١/ ١٥٣، الدرر الكامنة ١/ ٣٩٩، ذيل تذكرة الحفاظ ٥٧ و ٣٦١، شذرات الذهب ٦/ ٢٣١، طبقات المفسرين للداودى ١/ ١١٠، النجوم الزاهرة ١١/ ١٢٣.

<<  <   >  >>