فيها: توفى سيدى حسين بن الملك الناصر محمد بن قلاوون وهو آخر من مات من أولاد الناصر محمد بن قلاوون. ومات قبل أن يتسلطن ولده الأشرف شعبان.
وفى سنة أربع وستين: اتفق الأتابكى بيبغا العمرى مع جماعة من الأمراء على خلع الملك المنصور محمد بن حاجى فخلع من السلطنة ودخل إلى الحرم فسجن بها، وذلك فى يوم الثلاثاء خامس عشر شعبان سنة أربع وستين وسبعمائة، فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية سنتين وأربعة أشهر، وكان الملك المنصور هذا يميل إلى اللهو والطرب وشرب الراح، وكان له جوارى ومغانى جوفة كاملة نحو عشر جوارى يعزفن بمغانى المنصور، وكان راضيا بأرغد العيش الطيب وحب السماع. وكان أخر من أقنى الجوارى المغانى يزفوا بالطارات عند الصباح والمساء، وكانت هذه عادة الملوك والأكابر، وأخر من كان يفعل ذلك من الأكابر الأمير محمود استادار العالية ثم بطل ذلك مع ما بطل من محاسن عيشة الأكابر بالديار المصرية، وكان ذلك رقة حاشية ودام المنصور على ذلك إلى أن مات وهو فى دور الحرم ودفن فى تربة جدته أم أبيه خوند طغلى عند الباب المحروق، وعاش المنصور هذا من العمر نحو خمسين سنة ولما مات خلف عدة ذكور وإناث، وكان قانعا بما هو فيه من العيش الرغد كما قيل فى المعنى.
كل الملوك تسطوا بالملك والسلاح … وتاقنعت منه بالراح والملاح
وفى المعنى:
قالوا رأيناك كل وقت … تهيم بالشرب والغنا
فقلت إنى امرئ قنوع … اعيش بالماء والهواى
ولما خلع الملك المنصور محمد تولى الملك الأشرف شعبان