النواب كتابا يقو - له فيه وبحمد الله على حزن حزنا به بالصبر النواب فى الباطنة والظاهرة، وكان قصدنا أن نجعله ملكا فى الدنيا فجعله الله ملكا فى الآخرة.
[ثم دخلت سنة تسع وثمانون وستمائة]
فيها: توجه السلطان إلى نحو البلاد الشامية وفتح مدينة طرابلس وملكها بالسيف ورجع إلى نحو الديار المصرية، فزينت له القاهرة ودخل فى موكب عظيم.
وفى هذه السنة: جرد الأمير أيبك الأفرم إلى بلاد النوبة. وقد بلغ السلطان أن صاحب النوبة قصد أن يهجم على مدينة أسوان وينهبها، فجرد إليه السلطان الأمراء والعسكر، فلما وصلوا إليه هرب منهم صاحب النوبة فتتبعوه إلى أخر بلاده فغنموا منه أشياء كثيرة من جوار وعبيد وغير ذلك ورجعوا إلى مصر سالمين.
وفى أواخر هذه السنة: توجه السلطان إلى حصار مدينة عكا فخرج السلطان من القاهرة ونزل بمسجد التين عند المطرية حتى يتكامل العسكر، فوجد السلطان فى نفسه توعكا وصار فى كل يوم يتزايد به الألم وثقل فى المرض. وكان قد فوض أمر المملكة فى أيام حياته إلى ولده الأشرف خليل بعد موت أخيه الملك الصالح على فكان الأشرف خليل ينزل فى كل يوم من القلعة إلى عند أبيه قلاوون ويرجع فى أخر النهار إلى القلعة. وكان الأمراء يدخلون إلى عند السلطان فى كل يوم. فلما رأى الأمير طرنطاى النائب حال السلطان قد تغير وزاد به الاسهال منع الأمراء من الدخول إلى عند السلطان، فلما تحقق الأمراء من موت السلطان اجتمعوا وضربوا مشورة بينهم وهم الأمير كتبغا والأمير لاجين والأمير أيبك الخازندار وغيرهم من الأمراء، وقالوا للأمير طرنطاى النائب أنت تعلم أمرك مع الأشرف خليل وبغضه لك والأمر قد صار إليه والسلطان ما بقى فيه رجوة والأشرف خليل قاتلك لا محالة ونحن معك عصبية. فسألت الأمير طرنطاى ساعة، وقال كيف يشاع عنى أنى جئت ابن أستاذى من بعده فى أولاده، وإذ صار الأمر إليه إن رضينى كنت مملوكه وأن قتلنى كنت مظلوما والمحذور ما يرد المقدور، ثم إن السلطان قلاوون أخذ فى النزع، فقعد الأمير طرنطاى عند رأسه حتى مات وغمضه، وكتم موته حتى طلع النهار وحضر الأمراء على عادتهم فأعطاهم دستورا، فمضوا.