للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما مات الحاكم صار بعض الناس من الجهال المغفلين من نواحى ضياع الشام يعتقدون حياة الحاكم وأنه حى ولا بد أن يعود ويحلفون لا "وغيبة الحاكم".

وكانت خلافته بمصر خمسة وعشرين سنة وشهرا، وفى هذه المدة قتل خلقا كثيرة لا تعد ولا تحصى من الفقهاء والعلماء والصلحاء وغيرهم من أعيان الناس.

وقد انتهت أخبار الحاكم بأمر الله على سبيل الاختصار ولما قتل تولى من بعده ابنه الظاهر.

٤ - ذكر خلافة الظاهر لدين الله بن الحاكم بأمر الله بن العزيز بن المعز العبيدى الفاطمى (١)

بويع بالخلافة بعد قتل أبيه الحاكم فى شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة وكان له من العمر لما تولى من الخلافة ستة عشرة سنة وثمانية أشهر ولقب بالظاهر، وهو الرابع من خلفاء بنى عبيد بمصر. وكانت عمته ست النصر. قائمة بتدبير مملكته والأمير سيف الدين بن دواس. فساسوا الناس أحسن سياسة وأرضوا الجند، ولكن حصل فى البلاد غاية الفتن، وخرب غالب البلاد وطمع الأعداء وملكوا اطراف البلاد، وقويت شوكة الأمير حسان فى لدّ من أعمال مدينة غزة.

ووقع فى أيامه حوادث عظيمة وضعفت دولة بنى عبيد من يومئذ وأخذوا فى النقص. ومن الحوادث فى أيامه أن رجلا أعجميا حضر إلى مكة ومعه جماعة وأظهروا أنهم يريدون الحج، فلما دخلوا إلى الحرم غافلوا الناس وقلعوا الحجر الأسود من مكانه وكسروه ثلاث قطع، فمسكوهم وقطعوا أيديهم وصلبوا منهم جماعة وكانت هذه الواقعة من أعظم الحوادث. واستمر الظاهر فى الخلافة إلى أن مات فى يوم الأحد خامس عشر شعبان سنة سبع وعشرين وأربعمائة فكانت خلافته بمصر عشر سنين وتسعة أشهر، ثم يخلف من بعده أبو تميم معد.


(١) انظر المزيد فى: أتعاظ الحنفا ٢٧١، تاريخ ابن خلدون ٤/ ٦١، الكامل ٩/ ١١٠ و ١٥٤، بدائع الزهور ١/ ٥٨، وفيات الأعيان ١/ ٣٦٦.

<<  <   >  >>