وكان الناصر لا يخالف بكتمر فى شئ فلما نقل أمره على الناصر صار يخشى منه. فلما حج السلطان وهى الحجة الثالثة وكان معه الأتابكى بكتمر وولده الأمير أحمد، فتكلم الناس فى حقه وأوحوا للسلطان أن بكتمر قصده بقتل السلطان فى طريق الحجاز ويتسلطن عوضه.
فلما بلغ السلطان ذلك دس على بكتمر من أسقاه سما وهو راجع من الحجاز فمات فى عيون القصب وولده فى نخل كما تقدم. وقيل إن السلطان وجد مع بكتمر لما مات فى طريق الحجاز خمسمائة تشريف على سائر الأصناف ووجد معه عدة قيود وجنازير فعند ذلك تحقق السلطان بحجة ما نقل له عنه، والله أعلم بذلك.
وكان بكتمر الأتابكى من أحسن الناس شكلا وله آثار ومعروف، فمن ذلك أنشأ بالقرافة الصغرى خانقاه وجعل فيها حماما وفرنا وطاحونا وقرر فيها حضورا وصوفه وجعل بها أوقافا كثيرة ووقف بها ربعة مكتوبة كلها بالذهب وهى موجودة إلى الآن وعمر دار وكالة وأرباع وله بمصر والشام آثار كثيرة.
[ثم دخلت سنة خمس وثلاثون وسبعمائة]
فيها: برزت المراسيم الشريفة لنائب الشام ونائب حلب بأخذ العساكر الشامية والحلبية ويتوجهون إلى مدينة سيس ويكبسوها على حين غفلة من أهلها، فتوجهوا إليها وكبسوها فى سابع وعشرين شهر رمضان من السنة المذكورة، فنهبوا ما فيها وأحرقوا ضياعها وأسروا من بها من الأرمن، وكانوا نحو ثلاثمائة إنسان، فلما بلغ بقية الأرمن ذلك فثاروا على من فى قلعة اياس من المسلمين وقبضوا عليهم وحشروهم فى خان هناك، وأحرقوهم فى يوم عيد النحر وكانوا نحو ألفى إنسان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
[وفى سنة ست وثلاثين وسبعمائة]
فيها: رسم السلطان للخليفة المستكفى بالله أبى الربيع سليمان بأن يسكن فى قلعة الجبل، ومنعه من الاجتماع بالناس، ثم نفاه من بعد ذلك إلى قوص، وقد تقدم ذلك فى أخبار الخلفاء.