للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ذكر خلافة المستنصر بالله بن الظاهر لدين الله ابن الحاكم بأمر الله بن العزيز بن المعز (١)

بويع بالخلافة بعد موت أبيه الظاهر فى يوم الأحد فى نصف شهر شعبان من السنة المذكورة، ولقب بالمستنصر بالله وكان له من العمر لما تولى الخلافة سبع سنين وعشرون يوما، وهو الخامس من خلفاء بنى عبيد بمصر وهو الذى خطب له البساسيرى على منابر بغداد، وهذا لم يقع لأحد من أقاربه من بنى عبيد.

ومن الحوادث فى أيامه: وقع الغلاء الكبير بمصر، وعقبه فناء عظيم ولم يقع مثل هذا الغلاء إلا فى زمن يوسف ، وكان ذلك فى سنة إحدى وخمسين وأربعمائة قيل بيع القمح كل قدح ونصف بدينار، وأكل الناس فيه بعضهم بعضا حتى أكلوا القطط والكلاب الميتة، وقيل بيع الكلب بخمسة دنانير وبيع القط بثلاثة دنانير، وأشتد الغلاء ودام ذلك على الناس نحو سنتين حتى لم يبق فى العالم إلا القليل، فكان الكلب يدخل إلى الدار ويأكل الطفل الصغير وهو فى المهد، وأمه وأبوه ينظران إليه فلا يستطيعان النهوض لدفعه عنه من شدة الجوع، ثم قوى الأمر حتى صار الرجل يأخذ ابن جاره ويذبحه ويأكله ولا ينكر ذلك عليه، واشتهر ذلك بين الناس، وصار إذا قوى القوى على الضعيف ذبحه وأكله. وقيل كان بمصر حارة تعرف بحارة الطبق، وكان فيها عشرون دارا، كل دار تساوى فى الثمن ألف دينار، قيل فأبيعت كل دار برغيف خبز، فأبيعت الحارة كلها بطبق خبز فسميت حارة الطبق.

وقال أبو الفرج بن الجوزى (٢): خرجت امرأة بربع من اللؤلؤ وقالت "من يأخذ منى هذا اللؤلؤ، ويعطينى عوضه قمحا" فلم تجد من يأخذه منها ويعطيها


(١) انظر المزيد فى: وفيات الأعيان ٢/ ١٠٣، بدائع الزهور ١/ ٥٩، النجوم الزاهرة ٥/ ١ - ٢٣، اتعاظ الحنفا ٢٧٧، تاريخ ابن خلدون ٤/ ٦٢، الكامل ٩/ ١٥٤، ثم ١٠/ ٨٢، بلغة الظرفاء ٧٥.
(٢) هو الإمام العلامة الحافظ عالم العراق وواعظ الآفاق جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن على ابن عبد الرحمن بن على بن على بن عبد الله القرشى البكرى الصديقى البغدادى الحنبلى الواعظ. صاحب التصانيف السائرة فى فنون العلم، وعرف جدهم بالجوزى لجوزة كانت فى دارهم لم يكن -

<<  <   >  >>