زاد الله النيل المبارك أشبر وستين إصبعا وذلك يكون ذراعين ونصف الذراع وأصبعين فى يومين، وهذه الزيادة لم يعهد بمثلها لا فى الجاهلية ولا فى الإسلام.
وفى يوم الثلاثاء تاسع شوال الموافق لثالث مسرى: زاد الله النيل المبارك خمسين إصبعا وذلك فى ثالث مسرى وهذا لم يسمع بمثله فيما تقدم من السنين الماضية، وفى ذلك يقول بعض الشعراء:
النيل أفرط فيضا … بقبضه المتتابع
فصار مما دهانا … حديثنا بالأصابع
النيل زاد جورا … يحكمه المطاع
يعمل فى الرعايا … بالباع والذراع
وقال الصلاح الصفدى فى ذلك
قد زاد هذا النيل فى عامنا … فأعرق الأرض بأنعامه
وكاد أن يعطف من مايه … عرى على أزرار أهرامه
وفى أواخر هذه السنة: توفى قاضى القضاة الشافعى ناصر الدين بن الميلق، وكان من أكابر العلماء.
[ثم دخلت سنة ثمان وتسعون وسبعمائة]
فيها: يوم السبت سادس شهر صفر أرسل السلطان طواشى يقال له فارس الدين شاهين الحسنى إلى بيت الأمير جمال الدين محمود استادار العالية فأخذ نساءه وسراريه وولده الناصر محمد، وطلع بهم إلى القلعة فهرب الأمير محمود.
ثم نزل لقاضى سعد الدين بن غراب وكيل بيت المال ومعه الأمير على باى الخازندار فنزلوا إلى بيت الأمير محمود، وأخذوا منه فى أول يوم ذخيرة وجدت تحت عقد سلم ومائة ألف دينار وخمسين ألف دينار. وفى ثانى يوم أخلع على الأمير قطلوبغا العلائى واستقر استادارا عوضا عن محمود بن على الظاهر وأمرة ولده محمد، وكان أمير أربعين.
ثم إن السلطان أخلع على القاضى سعد الدين بن غراب واستقر به ناظر الديوان الشريف المفرد، واستقر بالأمير مبارك شاه الظاهرى وزيرا عوضا عن الناصرى محمد بن كلبك.