للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فساد كبير إذا خرج فكان الأمر كما قال: "والملوك لهم فراسة فى الأمور" كما قيل فى المعنى لبعضهم:

يرى العواقب فى أثناء فكرته … كأن أفكاره بالغيب كهان

لا طرفة منه إلا تحتها عمل … كالدهر لا دولة إلا لها شأن

ولم يزل قفجق مؤخرا فى دولة الملك المنصور قلاوون مدة حياته إلى أن مات قلاوون وتسلطن ولده خليل ثم تسلطن المنصور لاجين فولى قفجق نيابة دمشق، فقصد الملك المنصور لاجين مسك قفجق فهرب إلى بلاد الشرق وعمل هذه الفتنة العظيمة لمجئ غازان فكان الأمر كما قاله الملك المنصور قلاوون وكان له معرفة تامة فى علم الكف.

قال القاضى محيى الدين بن فضل الله: حكى لى الأمير قفجق المنصورى بعد ما جرى الذى جرى من غازان، قال: لما تلاقينا نحن وأنتم يعنى عسكر غازان وعسكر مصر، فهم غازان بالهروب، فطلبنى ليضرب عنقى لأن خروجه كان برأيى. لما حضرت بين يديه قال لى: ايش هذا الحال؟ فقلت له: أنا أعبر بعسكرنا فإن لهم حملة واحدة، فالقان يصير ساعة فما تبغى قدامه أحد منهم، فصبر ساعة فكان الخبر كما قلته. فلما انكسر ثم أراد أن يسوق عليكم بعد الكسرة، فعلمت أنه متى ساق عليكم، لم يبق منكم أحدا. فقلت له القان نصبر ساعة، فإن عسكر مصر لهم حيل كثيرة وربما يكون لهم كمين فيخرجوا من ورائنا فينكسر فيردوا علينا فوقف ساعة حتى أبعد عنا فلولا أنا ما قتل منكم أحد، ولولا أنا ما بقى منكم أحد.

[ثم دخلت سنة سبعمائة من الهجرة النبوية]

فيها: جاءت الأخبار بأن عسكر غازان وصلوا إلى الفرات فخرج إليهم السلطان الملك الناصر ثانيا وصحبته العساكر، فلما وصل إلى مدينة غزة وقع الغلاء فى العسكر وانشحطوا فى التين والشعير وتقلق العسكر فعند ذلك رجع السلطان إلى القاهرة وعين الأمير بكتمر السلحدار بالتوجه إلى حلب لتسكن قلوب الرعية إلى أن يحضر السلطان.

ثم جاءت الأخبار بأن قطلوشاه أمير غازان أرسل كتابا إلى حلب مضمونه أن بلادهم قد انحلت وعندهم غلاء وقد جاءوا إلى حلب ليشتروا غلالا وكان هذا أعين

<<  <   >  >>