يلى السلطنة وسجنه ثم أفرج عنه وجعله نائب دمشق، فلما قتل المظفر قطز وتولى الظاهر بيبرس فشق ذلك على الأمير سنجر وأظهر العصيان على الظاهر بيبرس، وطلب الوثوب على الظاهر بيبرس فجمع أمراء دمشق وألزمهم بالخروج على طاعة الملك الظاهر بيبرس فجاء أوامر عليهم الجميع.
ثم إن الأمير سنجر الحلبى تسلطن بدمشق وركب بشعار السلطنة ولقب نفسه بالملك المجاهد وكتب بذلك إلى سائر النواب وخطب باسمه على منابر دمشق وأعمالها. فلما بلغ الملك الظاهر بيبرس ذلك كتب إلى سنجر المذكور كتابا ووبخه فيه بفضح فعله ورجوعه عن ذلك فعادت الأجوبة بالمخالفة لذلك فاضطربت أحوال البلاد الشامية وعصيت بقية النواب على الظاهر بيبرس.
فلما جرى ذلك أراد الملك الظاهر استجلاب خواطر الرعية، فأمر بإبطال ما كان أحدثه الملك المظفر قطز من المظالم عند خروجه إلى حركة العدو المخذول هلاكو وقد تقدم ذلك فأمر بإبطال ذلك جميعه وكتب به مساميح وقرئت على المنابر بمصر، فمالت إليه قلوب الرعية وزاد فى الدعاء له بالنصر والبقاء كما قيل فى المعنى.
لم يبق للجور فى أيامكم أثر … إلا الذى فى عيون العيد من حور
[ثم دخلت سنة تسع وخمسون وستمائة]
فيها: قبض الملك الظاهر بيبرس على جماعة من الأمراء المعزية وقد بلغه عنهم أنهم يريدون قتله.
وفيها: كان وصول الإمام أحمد العباسى بن الخليفة الظاهر بالله وقد تقدم ذلك عند تراجم الخلفاء العباسية وكان وصوله فى تاسع شهر رجب من السنة المذكورة، فركب الملك الظاهر وبلغاه وأكرمه وقد تقدم ذلك وذكره فى ترجمة الخليفة المستنصر بالله أبى العباس أحمد بن الخليفة الظاهر بأمر الله.
ومن الحوادث فى أيامه: أن الغلاء وقع بمصر فى أيام الملك الظاهر بيبرس، فجمع السلطان الحرافيش وعدهم وقسمهم على الأمراء فأخذ منهم لنفسه خمسمائة حرفوش وولده مثل ذلك، وأخذ الأمير بيليك نائب السلطنة ثلاثمائة حرفوش وفرق البقية على الأمراء كل واحد على قدر مقامه ورسم لهم